2014-12-26

زوال إسرائيل ليس من مصلحة العرب


بقلم سلمان الأنصاري وهو باحث سعودي وأخصائي اتصال جماهيري وما يرد في مقالته يعبّرعن رأيه  
قد يوافقني الكثيرون الرأي في كون أحد أهم أسباب وضع العرب والمسلمين الحالي هو الروح الانهزامية المتمحورة حول الشعور بالمظلومية الدائمة والإيمان المطلق بأهمية زوال إسرائيل وربطها "حتما" بأن يعم الرخاء هذه الأمة.
بطبيعة الحال، لقد أسفت غاية الأسف بعد رؤية حجم التفاعل الشعبي لدى العامة مع فيديو لأحد الدعاة المثيرين للجدل و الذي ادعى لقاء الرسول في منامه وبأنه فسر هذه الحلم بنصر الإسلام وزوال إسرائيل. المشكلة ليست في أضغاث أحلامه بل في ربطه لنصر الإسلام بزوال دولة معينة. عملية الربط السطحية بين الأمرين أشعرتني ولوهله بأن ليس لدى هذه الأمة أي مشكلة أخرى غير الكيان الإسرائيلي و بأن أهل الشام والعراق واليمن وليبيا وغيرهم مستمتعون غاية الاستمتاع بتطورات بلدانهم في المجالات الثقافية والازدهار الحضاري والتسامح الرباني ولكن لا تنقصهم إلا لذة التشفي بزوال إسرائيل. فهم لا يحتاجون قبل التوجه إلى زيارة متاحف الفن إلا إلى ارتشاف فناجين قهوتهم الصباحية وهم مطمئنو البال ومرتاحو الضمير بسبب عدم وجود دولة ما كانوا سيزورونها على الأغلب حتى و لو كان اسمها فلسطين.
 العجيب هو أننا وجدنا أنفسنا في خانة التقييم الذاتي المستمر لحالنا من خلال النظر في حال إسرائيل ، إن كانوا مزدهرين فنحن مهزومون و إن كانوا متقهقرين فنحن منتصرون.
لقد أصبحت إسرائيل بمثابة جهاز "ترموميتر حراري" لقياس درجة النصر الوهمي لهذه الأمة التي في الأغلب لا تعلم ما تريد و إن علمت فلن تسعى لأخذه إلا بلغة الاقتتال فيما بينها وتفسير أسباب ضعفها بإلقاء اللوم على الآخرين من خلال التسليم الكلي لنظرية المؤامرة. هنالك أيضا زخم إعلامي لمقاطع مرئية متعددة تفترض وتؤكد زوال إسرائيل في عام معين ومحدد وهذا بسبب تواتر أحلام المنام واليقظة. وأعتقد أنه يجب على العالم  العربي أن يبدأ بالانشغال بنفسه من خلال تجييش الجيوش الفكرية والثقافية والعلمية لتغيير ركائز منظومة التفكير الجمعي و الإقصائي والغارق في الخيال غير العلمي .
ومن دون شك فقد أسرفت إسرائيل حتما في عملية إقصائها لحقوق الفلسطينيين وبطريقة فجة وغير حضارية ولم تلتفت لجميع المبادرات السلمية العربية والدولية ولو حتى بالمناقشة.  لكن السؤال هو: هل إسرائيل هي المتسببة في قتل مئتي ألف سوري؟ أم هل هي المتسببة في التناحر السني، الشيعي،العلوي، الإخواني، القومي ، الإسلامي؟؟ والسؤال الأهم من كل هذا وذاك يتعلق أصلا بمصيرنا نحن فكما هو معروف فإن فكرة وجود عدو لأمة معينة هو عامل من عوامل توحيد مواقفها وآرائها على قاعدة معاداته، ورغم هذا مازلنا نتقاتل فيما بيننا و بوتيرة طاحنة ومتزايدة فما الذي سنفعله وما الذي سنصنعه بأنفسنا لو زالت إسرائيل !؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق