2012-02-10

طرق تزوير الانتخابات ؟ الحلقة الرابعة

الحلقة الرابعة : تقفيل الصناديق
المقصود بهذه العبارة امتلاء الصناديق باستمارات تصويت تعادل عدد الناخبين المقيدين في كشوف اللجنة بحيث يمكن إعلان انتهاء عملية التصويت في تلك اللجنة . ومن الناحية القانونية ، يحق للناخبين المسجلين في كشوف هذه اللجنة الذهاب إلى مقر الانتخاب و الإدلاء بأصواتهم طوال المدة المقررة ( من الساعة الثامنة صباحاً إلى الساعة السابعة مساءً حسب النظام الحالي ) ، كما يجب استمرار التصويت إذا تجاوزت الساعة السابعة وكان هناك ناخبون داخل مقر الانتخاب.
و قد يتم تقفيل الصندوق من خلال " تسويد الاستمارات الانتخابية " بالقوة و أساليب العنف ودس استمارات باللجنة في الصندوق إلى درجة 100 % و التوقيع على كل الكشوف بأسماء الناخبين أو بتوقيعات عبثية أو حتى ببصمة مزورة ، فلا يكون هناك مجال بعد ذلك لأي شخص يحاول التصويت حتى إذا كان هو الناخب الحقيقي وكان اسمه مقيدا ، وحتى لو كانت مدة التصويت سارية و ظلت اللجنة مفتوحة.
و لكن للحق فإن هذا الأسلوب أصبح الآن شبه مستحيل في ضوء تحديث عمليات الانتخاب وإشراف اللجنة العليا للانتخابات وتزايد مراقبة المجتمع المدني وتطور خبرات المندوبين ومهارات المرشحين ، ولكن هذا لا يمنع من إمكانية حدوثه و خصوصا في اللجان النائية والتي لا يقبل عليها الإعلام أو المراقبون أو حيث تكون عزوة المرشح طاغية بحيث يسيطر أهله على اللجنة وما حولها والمداخل المؤدية إليها، فضلا عن إمكانية حدوث تقفيل الصناديق عن طريق القوة وترهيب اللجنة و خشيتها مما تتعرض له من "ضرب و إهانة .."، و خاصة في غيبة رجال الأمن في تلك اللحظات.
و في أحيان أخرى يتم تسويد الاستمارات الانتخابية عن طريق دفع أموال لأعضاء اللجان كي يسمحوا لهم بالقيام بعملية التسويد حتى يستطيع المرشح الذي يناصرونه من التقدم على خصومه من المرشحين الآخرين وخصوصا حينما لا تكون له جماهيرية انتخابية كافية .
و لعل أهم عنصر مضاد لمواجهة هذا الشكل من التزوير هو إعمال المنطق و تشكك لجنة الفرز في مصداقية الصندوق ، حيث أنه من الناحية العملية يستحيل تقريبا أن يمتلئ الصندوق بكامل عدد الناخبين المسجلين باللجنة ، ولا سيما إذا كان ذلك قبل انتهاء مدة التصويت ، و ذلك في ضوء العوامل التالية :-
أ – عزوف الناخبين عموماً ، وخصوصا قطاعات متعلمة و مثقفة منهم.
ب – تعقد التركيب الديمجرافي للدوائر ، بحيث يتناثر سكانها ( أي الناخبون المقيدون بها ) في مواقع مختلفة قد يصعب على بعضهم اللحاق بالتصويت ، حتى إذا أراد المشاركة .
ج – غياب بعض الناخبين المقيدين باللجنة يوم التصويت أصلا ( السفر أو المرض أو حتى الوفاة ..).
د – وحتى من الناحية العملية ، يصعب تصور اكتمال التصويت 100 % في اللجنة ،
وقبل انتهاء المدة أيضا . فإذا افترضنا أن متوسط حجم اللجنة 700 – 1000 صوتاً و كان الناخب يستغرق 2-3 دقائق ( من لحظة تقدمه إلى القاضي و البحث عن اسمه في الكشوف ثم التحقق من إثبات شخصيته ثم يسلمه بطاقة التصويت ثم تحركه إلى ركن القاعة و التأشير أمام المرشحين الذين يختارهم ثم العودة إلى اللجنة و إيداع البطاقة "مطوية" في الصندوق ) لأصبح الوقت المطلوب لهذا العدد أكثر من 50 ساعة ، و هى أطول من المدة المقررة لعملية التصويت ( 12 ساعة من 8 صباحاً حتى 7 مساءً) .
كما أنه في جميع الأحوال ، فإن أعضاء اللجنة بشر ويحتاجون إلى أكثر من استراحة خلال هذا اليوم الشاق ، و لو حتى للاغتسال أو الذهاب إلى دورة المياه أو للصلاة ، بحيث يصعب تصور عمل اللجنة كل دقيقة خلال يوم الانتخاب.
و بالتالي فإن تقفيل 100 % من الصناديق مسألة غير واقعية و تثير الشك . من هنا فإنه يجب على مندوبي المرشحين أن يقفوا بكل حزم في مواجهة تلك التصرفات بغية عدم حدوثها و لضمان سير العملية الانتخابية في جو من النزاهة و الديمقراطية ، كما أنه يجب على لجان الفرز التشكك في هذه الصناديق وعلى رجال الأمن التصدي لمثل هذه الأساليب و منعها من أن تؤثر على سير العملية الانتخابية بصورة غير حضارية و غير ديمقراطية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق