قوانين وأحكام قضائيه

رؤية قانونية لكيفية تسليم المجلس العسكرى للسلطة

تنطلق هذه الرؤية من منطلق قانونى بحت, عن طريق وضع النصوص الدستورية والقانونية جنبا إلى جنب للوصول إلى الوضع القانونى الأمثل الذى يتفق مع الشرعية التى تعبر عن إرادة الشعب... وهى تنطلق أساسا من حقيقة مؤكدة, وهى أن دستور عام 1971 لازال سارياً ولم يتم إلغاؤه بأى إجراء, وذلك للأسباب الآتية:- أولا: أصدر المجلس العسكرى بتاريخ 13 فبراير 2011 إعلاناً دستورياً يتضمن حلّ مجلسي الشعب والشورى وتعطيل العمل بأحكام دستور 1971 استناداً إلى الشرعية الثورية, هذا الإعلان الدستورى اكتفى فقط بتعطيل العمل بهذا الدستور إلى حين إجراء تعديلات عليه.


ثانيا: تم بالفعل تشكيل لجنة لإجراء تعديلات على هذا الدستور, وقد وافق الشعب على هذه التعديلات فى استفتاء 19 مارس 2011 باعتبارها جزءا لا يتجزأ من دستور 1971, أى أن الشعب قد أعاد هذا الدستور بأكمله للسريان مرة أخرى استناداً للشرعية الشعبية
ثالثا: عندما صدر الإعلان الدستورى الحالى فى 30 مارس 2011 لم يتضمن أى إشارة إلى إلغاء دستور 1971 .. بل إنه على العكس من ذلك بدأ الإعلان بديباجة(مقدمة) تنص على ما يأتى:- "بعد الاطلاع على الإعلان الدستورى الصادر فى 13 من فبراير، وعلى نتائج الإستفتاء على تعديل دستور جمهورية مصر العربية الذى جرى يوم 19 من مارس سنة 2011 وأعلنت نتيجة الموافقة علية فى 20 من مارس سنة 2011 ...قرر ..." وهذه الديباجة لا يُفهم منها إلا أن الإعلان الدستورى الحالى قد اعترف باستمرار سريان دستور 1971
رابعا: يتضمن الإعلان الدستورى نصوصاً تشير أحياناً إلى "الإعلان الدستورى" وفى أحيان أخرى إلى "الدستور".. وهذا لا يعنى إلا اعتراف الإعلان الدستورى بوجود هذا الدستور..وعلى سبيل المثال هذه الفقرة وردت بالمادة 28 من الإعلان الدستورى وجاء نصها كالتالى "ويُعرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستـور" معنى هذه الفقرة أنه إذا كان المجلس العسكرى سيصدر قانون انتخابات الرئاسة, فيتعين عليه عرضه على المحكمة الدستورية لتقرر مدى مطابقته للدستور..فأى دستور ستقوم المحكمة الدستورية بالمطابقة عليه إذا لم يكن دستور 1971 قائماً؟؟ خامسا: لو كان الإعلان الدستورى يرغب فى إلغاء دستور 1971 لكان قد نص صراحةً على إلغائه كما نص فى الإعلان الدستورى الأول الصادر فى 13 فبراير على تعطيله.
إذا كانت الأسباب الخمسة السابقة تؤكد وجود واستمرار سريان دستور 1971 استناداً إلى الشرعية الشعبية المستمدة من استفتاء 19 مارس 2011 فإنه يثور التساؤل عن الوضع القانونى للإعلان الدستورى الحالى وعن النتائج المترتبة على استمرار سريان دستور 1971..
أولا: الوضع القانونى للإعلان الدستورى الحالى لا يخرج عن أمرين, إما أنه مجرد ملحق أضيف لدستور 1971 تضمن بعض المواد المكررة والمضافة دون استفتاء الشعب عليها. وإما أن هذا الإعلان يعتبر فاقداً للشرعية ومنعدما, وذلك بعد استفتاء الشعب على تعديلات لدستور 1971 القائم فعلا
ثانيا: النتائج المترتبة على استمرار سريان دستور 1971 بعد التعديلات التى أجريت عليه فى الاستفتاء الأخير تتمثل فيما يلى:- 1- أن دستور 1971 هو دستور مؤقت.. وذلك بعد إضافة فقرة إلى المادة 189 منه وإضافة المادة 189 مكررا والتى تستوجب اجتماع أعضاء مجلسى الشعب والشورى المنتخبين خلال ستة أشهر من انتخابهم لاختيار جمعية تأسيسية لإعداد الدستور الجديد... 2- وجوب إعمال المادة 84 من دستور 1971 التى تنص على أنه "في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولى الرئاسة مؤقتاً رئيس مجلس الشعب, وإذا كان المجلس منحلاً حل محله رئيس المحكمة الدستورية العليا, وذلك بشرط ألا يرشح أيهما للرئاسة...ويعلن مجلس الشعب خلو منصب رئيس الجمهورية. ويتم إختيار رئيس الجمهورية خلال مدة لا تجاوز ستين يوما من تاريخ خلو منصب الرئاسة"..وأرى أن التطبيق الأمثل لهذه المادة فى ظل هذه الظروف هو أن يتشكل مجلس الشعب.. ثم يعلن هذا المجلس فى أول اجتماع له خلو منصب رئيس الجمهورية(وفقا للمادة 84) ويتولى رئيس مجلس الشعب الرئاسة مؤقتاً على أن يتم اختيار رئيس الجمهورية خلال مدة لا تجاوز ستين يوماً...3- يتعين على مجلس الشعب بعد تشكيله مباشرة إعداد القانون المنظم لانتخابات الرئاسة وعرضه على المحكمة الدستورية التى يستوجب عليها الفصل فى مدى مطابقته للدستور فى خلال 15 يوما وفقاً للمادة 76 من الدستور بعد تعديله (المادة 28 من الإعلان الدستورى المقابلة لها) 4- يترتب أيضا على استمرار سريان دستور 1971 استرداد مجلس الشعب لسلطاته فى مراقبة السلطة التنفيذية حتى إمكانية سحب الثقة من الوزارة, وكذلك كافة الصلاحيات الواردة فى المواد من 86 إلى 136 من الدستور.. 5- بمجرد تولى رئيس مجلس الشعب رئاسة الجمهورية بصورة مؤقتة, فإنه يتعين على المجلس العسكرى تسليم السلطة بصفة نهائية والعودة للقيام بدوره الأساسى فى الدفاع عن حدود الوطن.
ملحوظة:- جميع هذه الإجراءات السابقة لا تشترط وجود مجلس الشورى, لأن دور هذا المجلس يبدأ عند الشروع فى إعداد الدستور الجديد.


أحمد عطية أبو شوشة
رئيس محكمة

----------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
المؤتمر الدولي الأول حول الخصوصية وأمن المعلومات
في قانون الإنترنت
ورقـــة عمــــــل
فـــــــي موضـــــوع
رؤية قانونية حول ثبوت جرائم السب والقذف عبر الإنترنت في القانون المصري

مقدمة :
شهدت البشرية عبر القرون الماضية ثورتين غيرتا وجه التاريخ وطبيعة الحياة وهما الثورة الزراعية والثورة الصناعية، فالأمر المؤكد أن العالم يعيش اليوم الثورة الثالثة أو الموجة الثالثة كما يسميها البعض وهي ثورة تكنولوجيا المعلومات، فالثورة الجديدة قوامها المعلومات والمعرفة التي أصبحت أساسا للتنمية وزيادة الإنتاج وسرعة اتخاذ القرار الصحيح. وهو ما أدى إلى ظهور الكمبيوتر ذلك الجهاز الذي يتعامل مع المعلومات ومزود بقدرات بارعة. ([1])
ولكن كما هو شأن كل اكتشاف أو اختراع جديد أدى استخدام الكمبيوتر ومن بعده الإنترنت إلى مشاكل أخلاقية وقانونية دعت الفقه والقضاء في بعض الدول إلى بحث عما إذا كانت القوانين القائمة تكفي لمواجهة بعض الاستخدامات غير المشروعة للإنترنت أم أنه يتعين على المشرع أن يتدخل لمواجهة هذه الأعمال بنصوص جنائية جديدة كفيلة بمواجهتها.
وهي كلها أمور تستوجب التصدي لهذه الظاهرة بالبحث والدراسة([2]) لاستيعاب هذه التقنية ورصدها للوقوف على مخاطرها وإمكانية مواجهتها تشريعياً، فإن تحقق هذا الهدف بتمامه فهذا توفيقا من الله، وإن تحقق بعضه فما لا يدرك كله لا يترك كله... ولعل ذلك كله يجرنا إلى مفهوم الجرائم الأخلاقية عبر الإنترنت:ويقصد به كافة الأفعال والسلوكيات التي تقع بالإعتداء على عناصر البيئة الأخلاقية وبصفة خاصة تلك الأفعال التي تستخدم في ارتكابها شبكة الإنترنت مثل الفعل الفاضح والإعلان عن البغاء وممارسة الفجور والسب والقذف والتشهير بسمعة الآخرين وكافة الصور الأخرى المرتبطة بذلك والتي من شأنها أن تحدث تلوثاً أخلاقياً.
تلك الأفعال وما تحويها من صدق أو كذب أو واقع أو تعدي كانت فرصة لنشطاء الإنترنت للخروج عن التقاليد والأعراف السليمة بإرتكاب ثمة جرائم في محتوى ما يكتبوه وتعد جرائم السب والقذف من الجرائم التي لها الأثر البالغ سلباً على شخص الإنسان، وهي الأكثر شيوعاً وانتشارا خاصة بعد ظهور شبكة الإنترنت إذ يساء استخدامها للنيل من شرف الغير أو كرامته أو اعتباره أو تعرضه إلى بغض الناس واحتقارهم بما يتم إرساله للمجني عليه على شكل رسالة بيانات.
وجريمة القذف هي من الجرائم التقليدية المنصوص عليها في أغلب المدونات العقابية أصبحت في الوقت الحالي ومع التطور الكبير في تكنولوجيا المعلومات ووسائل الاتصال تتم بوسائل مستحدثة منها شبكة الإنترنت. ونتناول هو ما في ورقة العمل هذه والتي سنتناول الموضوعات التالية:
أولاً: ماهية جريمة السب والقذف في القانون المصري.
ثانياً: أركان الجريمة.
ثالثاً: معوقات إثبات جريمة السب والقذف عبر الإنترنت.
رابعاً: توصيات ومقترحات


أولاً: ماهية جريمة السب والقذف في القانون المصري :
حيث تناول المشرع المصري جريمتي السب والقذف بتعريف الجريمتين في المادتين 302/306 عقوبات تنص المادة 302 من قانون العقوبات المصري المعدل بالقانون 147 لسنة 2006 يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة احدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه. "ومع ذلك فالطعن في أعمال موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة لا يدخل تحت حكم الفقرة السابقة إذا حصل بسلامة نية وكان لا يتعدى أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة، وبشرط أن يثبت المتهم حقيقة كل فعل اسنده إلى المجني عليه، ولسلطة التحقيق أو المحكمة بحسب الأحوال، أن تأمر بإلزام الجهات الإدارية بتقديم ما لديها من أوراق ومستندات معززة لما يقدمه المتهم من أدلة لإثبات حقيقة تلك الأفعال. ولا يقبل من القاذف إقامة الدليل لإثبات ما قذف به إلا في الحالة المبينة في الفقرة السابقة.
وتنص المادة 303 من ذات القانون يعاقب على القذف بغرامة لا تقل عن سبعة آلاف وخمسمائة جنيه ولا تزيد على إثنين وعشرين ألف وخمسمائة جنيه. فإذا وقع القذف في حق موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة، وكان ذلك بسبب أداء الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة، كانت العقوبة الغرامة التي لا تقل عن خمسة عشر ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثين ألف جنيه.
وتنص المادة 306 من ذات القانون كل سب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل يتضمن بأي وجه من الوجوه خدشا للشرف أو الإعتبار يعاقب عليه في الأحوال المبينة بالمادة 171 بغرامة لا تقل عن ثلاثة ألاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشرة ألف جنيه.
وتنص المادة 308 من ذات القانون إذا تضمن العيب أو الإهانة أو القذف أو السب الذي ارتكب باحدى الطرق المبينة في المادة (171) طعنا في عرض الأفراد أو خدشا لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معا في الحدود المبينة في المواد 179، 181، 182، 303، 306، 307 على ألا تقل الغرامة في حالة النشر في احدى الجرائد أو المطبوعات عن نصف الحد الأقصى وألا يقل الحبس عن ستة شهور" .. وتنص المادة (171) من ذات القانون كل من أغرى واحدا أو أكثر بإرتكاب جناية أو جنحة بقول أو صياح جهر به علنا أو بفعل أو إيماء صدر منه علنا أو بكتابة أو برسوم أو صور أو صور شمسية أو رموز أو أية طريقة أخرى من طرق التمثيل جعلها علنية أو بأية وسيلة أخرى من وسائل العلانية يعد شريكا في فعلها ويعاقب بالعقاب المقرر لها إذا ترتب على هذا الإغراء وقوع تلك الجناية أو الجنحة بالفعل. أما إذا ترتب على الإغراء مجرد الشروع في الجريمة فيطبق القاضي الأحكام القانونية في العقاب على الشروع.
ويعتبر القول أو الصياح علنيا إذا حصل الجهر به أو ترديده بإحدى الوسائل الميكانيكية في محفل عام أو طريق عام أو أي مكان آخر مطروق أو إذا حصل الجهر به أو ترديده بحيث يستطيع سماعه من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان أو إذا أذيع بطريق اللاسلكي أو بأية طريقة أخرى. ويكون الفعل أو الإيماء علنيا إذا وقع في محفل عام أو طريق عام أو في مكان آخر مطروق أو إذا وقع بحيث يستطيع رؤيته من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان. وتعتبر الكتابة والرسوم والصور والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز على عدد من الناس أو إذا عرضت بحيث يستطيع أن يراها من يكون في الطريق العام أو أي مكان مطروق أو إذا بيعت أو عرضت للبيع في أي مكان.
ثانياً: أركان الجريمة


تتكون جريمة السب والقذف من ركنين هما:
(1) الركن المادي. (2) الركن المعنوي
يتحقق الركن المادي لجريمتي السب والقذف بتحقق ثلاث عناصر هي:
(1) الإسناد.
(2) موضوع الإسناد
(3) علانية الإسناد.
1- الإسناد:
يتحقق الإسناد بنسبة أمر إلى شخص معين([3])، ويستوي نسبة الأمر إلى الشخص بصفة تأكيدية أو بصفة تشكيكية. وبعبارة أخرى فإن الإسناد يتحقق بمجرد الأخبار بواقعة تحتمل الصدق والكذب، وذلك لأن هذا الفعل من شأنه أن يلقي في روع الجمهور ولو بصفة مؤقتة احتمال صحة الواقعة، وهو ما يكفي وحده للمساس بشرف المجني عليه واعتباره([4]).
ويستوي أن ينسب الجاني الواقعة إلى المجني عليه باعتبارها من معلوماته الخاصة أو بوصفها رواية ينقلها عن الغير([5]) أو إشاعة يرددها ولا يحول دون وقوع هذا الإسناد، أن تكون الواقعة المسندة إلى المجني عليه قد سبق إعلانها من قبل أو سبق نشرها. ([6])
2- موضوع الإسناد:
يتعين لتحقيق جريمة القذف ورود الإسناد على موضوع معين، هو أن يسند الجاني إلى المجني عليه واقعة معينة لو صحت لأوجبت عقابه جنائيا أو احتقاره عند أهل وطنه.
أما عن تعيين الواقعة فيشترط في الأمر المسند إلى المجني عليه أن يكون معينا ومحددا على نحو يمكن إقامة الدليل عليه، لا أن يكون في صورة مرسلة مطلقة غير منضبطة. وفي هذا الشرط يتميز القذف عن السب فهذا الأخير يتحقق بمجرد إسناد العيب دون أن يتضمن واقعة معينة.
ويتعين توافر وصف معين في هذه الواقعة هو أن يكون من شأنها عقاب من تنسب إليه أو احتقاره. ولا صعوبة بالنسبة إلى الواقعة المعاقب عليها جنائيا إذ المناط في تحديد مدلولها هو قانون العقوبات والقوانين الجنائية المكملة. على أنه يدق الأمر إذا كانت الواقعة معاقبا عليها تأديبيا. والراجح أن القذف يتوافر في هذه الحالة لأن الجزاء التأديبي يمس الاعتبار الوظيفي للمجني عليه، وقد يكون أقصى عليه من غرامة بسيطة. ويستوي أن تكون الواقعة مكونة لأحدى الجرائم الأخلاقية أو غيرها مما لا تتعارض مع قواعد الأخلاق وذلك لأن عبارة القانون وردت مطلقة لا تحتمل تقييداً.
تعيين الشخص الموجه إليه القذف: تفترض جريمة القذف([7]) الاخلال باعتبار شخص معين، ومن ثم وجب تعيين هذا الشخص، ولا يشترط لهذا التعيين معرفة الاسم أو تعيينه صراحة بل يكفي تحديد شخصيته بغير ذلك من الإمارات([8]) كالزمان والمكان والمهنة وغير ذلك من معالم الشخصية. فلا يكفي لذلك توجيه القذف إلى آراء أو فقه معين طالما أنه لا يمس شخصية محددة. ولا يحول دون اعتبار الشخص الموجه إليه القذف معينا ألا يكون ذلك متاحا إلا لبعض القراء فقط دون غيرهم.
3- علانية الإسناد:
يتعين لتوافر جريمة القذف أن يقع الإسناد علناً. وقد أحالت المادة 302 عقوبات إلى المادة 171 من ذات القانون فيما يتعلق بالطرق التي تتحقق بها العلانية وهذه الطرق لم ترد في تلك المادة على سبيل الحصر، وإنما ذكرت على سبيل البيان. وبعبارة أخرى فإن هذه الطرق تتحقق بها علانية حكمية في نظر القانون، دون الإخلال بتوافر العلانية الفعلية بغيرها من الطرق. وهذا الحكم مستمد من المادة 171 عقوبات التي أشارت إلى (أية وسيلة أخرى من وسائل العلانية).
ومتى توافرت العلانية لا يشترط أن يقع الإسناد في حضور المجني عليه وذلك لأن الحق المعتدى عليه ليس هو شعور المجني وإحساسه الخاص وإنما هو اعتباره وشرفه في نظر المجتمع وهو ما يتحقق الاعتداء عليه بالقذف ولو تم الإسناد في غيبته.
وتختلف طرق العلانية المنصوص عليها في المادة 171 باختلاف طرق الإسناد وهي القول، والفعل أو الإيماء، أو الكتابة أو الرسوم أو الصور.
2-1- الركن المعنوي:
هذه جريمة عمدية يتعين فيها توافر القصد الجنائي فيتعين أن تتجه إرادة الجاني إلى إسناد واقعة القذف إلى المجني عليه مع علمه بذلك وأنها لو صحت لاستوجبت عقابه أو احتقاره كما يتعين توافر قصد العلانية.
تميز السب عن القذف: ([9])
يتميز القذف عن السب في أنه لا يتحقق إلا بإسناد واقعة معينة إلى المجني عليه فلا يكفي لتوافره مجرد إسناد عيب معين إليه إذا لم يحدد الجاني الواقعة التي تفيد هذا العيب هذا بخلاف السب فإنه يتحقق بكل ما يمس اعتبار الإنسان وشرفه إذا لم يستند إلى واقعة معينة ويتحقق ذلك بإسناد عيب معين أو غير معين إليه أو بكل ما ينطوي على معنى الاحتقار والتصغير.
رقابة محكمة النقض على العلانية:
يجب التمييز بين إثبات العلانية وفهم معناها، فالأول أمر تقدره محكمة الموضوع وفقا لما تحصله من وقائع الدعوى، ولا تخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض إلا من حيث القصور في تسبيب الحكم([10]). أما فهم معنى العلانية فإنه مسألة قانونية يخضع في تحديده لرقابة محكمة النقض حتى تستوثق من صحة تطبيق القانون. وحتى تمارس محكمة النقض سلطتها المذكورة يتعين على المحكمة أن تبين العناصر الموضوعية التي استخلصت منها توافر العلانية وإلا كان حكمها قاصراً. ([11])
فأهم عنصر في هذه الجرائم هو العلانية، ويقصد بها اتصال علم الجمهور بالتعبير الصادر عن فكرة المتهم أو رأيه أو شعوره عبر إحدى الوسائل التعبيرية والتي لا تخرج عن ثلاث هي:
· القول أو الصياح.
· الفعل أو الإيماء.
· الكتابة وما يقوم مقامها.
العلانية والإنترنت: ([12])
أصبح الاتصال يتم وبكل يسر عبر شبكة الإنترنت، فلو أمعنا النظر في الخدمات العديدة التي تقدمها شبكة الإنترنت لمستخدميها لوجدنا أنها تنقسم إلى قسمين إثنين:
· الأول يضم الخدمات ذات الطابع الخاص.
· والثاني يضم الخدمات ذات الطابع العام.
(أ) الخدمات ذات الطابع الخاص:
تتسم بعض الخدمات المتاحة على شبكة الإنترنت كخدمة البريد الإلكتروني، وخدمة الاتصال المباشر عن بعد، وخدمة نقل الملفات بطابع الخصوصية، حيث نجد أن الاتصال هنا ينحصر بين طرفين معلومين لبعضهم ولا يجوز للغير الإطلاع على مضمون الرسائل المتبادلة بينهم إلا بمعرفة صاحب المصلحة.
مما يعني أنها تدخل في نطاق المراسلات الخاصة التي تتمتع بالحماية القانونية المقررة لسرية الاتصالات عن بعد مما يكفل عدم قدرة الآخرين على كشف مضمونها أو الإطلاع عليها وهو ما يترتب عليه انتفاء العلانية عن هذه المراسلات وتمتعها بطابع الخصوصية.
إلا أن هناك رأي يرى أن العلانية([13]) تتحقق إذا تم توزيع الخبر محل النشر لعدد من الناس دون تمييز، وتتحقق علانية البريد الإلكتروني أيضاً بهذه الصورة حيث يمكن أن يتم توزيع الرسائل دون تمييز بحيث يتسلمها عدد غير محدود من الناس المتعاملين مع الإنترنت. ولا يؤثر في توافر العلانية كون الاستقبال يتوقف على شرط كالاشتراك أو دفع مقابل طالما أن كل شخص بدون تمييز يسمح له بذلك فهذه الرسائل التي يتم إرسالها عن طريق الإنترنت يمكن الإطلاع عليها والاستماع إليها عالمياً.
ولكن ما الوضع فيما لو احتفظ أحد الأشخاص ببعض البيانات والعبارات الماسة بسمعة وشرف أحد الناس في بريده الإلكتروني دون أن يرسلها لأحد؟
في الحقيقة لو أخذنا هذا الأمر من وجهة نظر تقليدية لوجدنا أن الجريمة غير متحققة لأن الدخول إلى البريد الإلكتروني والإطلاع إلى محتواه لا يكون متاحا لدى الكافة، حيث أن الأمر يتطلب استخدام بعض المعطيات التقنية كإسم المستخدم وكلمة المرور، وبالتالي لا أحد يستطيع الدخول إليه إلا لمن توافرت لديه تلك المعطيات التي تختلف من بريد لآخر.
إلا أنه وعلى الرغم من ذلك نجد أن البريد الإلكتروني هذا هو في الأصل موجود على شبكة الإنترنت التي تردد عليها ملايين البشر منهم الصالح ومنهم السيئ، وهذه الملايين يوجد فيهم المئات بل الألوف ممن يطلق عليهم "الهاكرز" القادرون على اخترق هذا البريد الإلكتروني والإطلاع على ما به من رسائل أو معلومات أو بيانات، بل ويقومون بتغيرها.
ولما كان ذلك فإننا نرى أن عنصر العلانية يتحقق هنا بمجرد وضع الكلمات والعبارات الماسة بشرف وسمعة أحد الأشخاص وحفظها بالبريد الإلكتروني في شبكة الإنترنت حتى وإن لم ترسل إلى الغير، فشبكة الإنترنت تعتبر في حد ذاتها أحد أهم طرق العلانية، والبريد الإلكتروني وإن تعذر الوصول إليه عند البعض فإن غيرهم يمكنهم الوصول إليه والإطلاع على ما بداخله.
(ب) الخدمات ذات الطابع العام:
وهناك بعض الخدمات التي تقدمها شبكة الإنترنت تتصف بالعمومية وهي متاحة لعامة الجمهور دون تمييز بينهم كتصفح مواقع الويب وغرف المحادثة كما أنه يمكن لأي شخص أو مستخدم لشبكة الإنترنت أن ينشئ موقع site على شبكة الويب العالمية والتي يمكن لأي شخص آخر في جميع أنحاء العالم الإطلاع عليها وبالتالي فإن العلانية تتوافر بالنسبة للكتابات والصور والرسوم التي تتضمن معاني مؤذية إذا ما تم عرضها على احدى المواقع الموجودة على صفحات الويب ففي جمهورية مصر العربية تمكنت الشرطة من ضبط مهندس مصري يقوم بنشر معلومات كاذبة على إحدى مواقع الويب بهدف التشهير بعائلة مسئول مصري وابنته وفي واقعة مماثلة أصدرت محكمة جنح مستأنف النزهة بالقاهرة حكما بالحبس 6 أشهر على أحد الأشخاص قام بإنشاء موقع خاص له على شبكة الإنترنت ووضع عليه صوراً تم إباحية مركبه عن إحدى الفتيات ومعلومات تمس شرفها وسمعتها.
وصور الجهر بالقول والصياح أو ترديده عن طريق الوسائل اللاسلكية([14]) أو أية طريقة أخرى، هي أكثر صور العلانية انطباقا على استخدامات الإنترنت، فتتحقق العلانية إذا استخدم الجاني الإنترنت لإذاعة القول أو الصياح أو ترديده، هذا نظرا لأن العبارات المستخدمة من قبل المشرع مرنة، ويمكن أن يندرج الإنترنت تحتها، كما أن الرسائل الإلكترونية يمكن أن تشتمل على صوت، وعادة ما ترسل من أماكن خاصة فإن الجهر بها باستخدام الإنترنت يتحقق به ركن العلانية.
ثالثاً: معوقات إثبات جريمة السب والقذف عبر الإنترنت:
الإنترنت شبكة اتصالات دولية متصلة بشبكات المعلوماتية الدولية في أنحاء العالم وبنوك المعلومات ومراكز البحث العلمي والمكتبات العالمية ومصادر معلومات أخرى. وقاصرة على المشتركين بها. ومع التقدم العلمي والتقنية الفنية التي نحن بصددها أمام عالم المعلوماتية المعاصر فإن هذه الشبكات تؤدي حتما إلى تسهيل ارتكاب بعض الجرائم ولكن في واقع الأمر أن الغالبية العظمى من هذه الجرائم توجد معوقات في إثباتها ومن أهم معوقات إثبات جرائم الحساب الآلي بصفة عامة وجرائم السب والقذف بصفة خاصة ما يلي:
1- ظاهرة التدويل:
الإنترنت باعتبارها احدى شبكات الاتصالات الدولية فإن كل أنواع الجرائم المتعلقة بالبث أو تبادل المعلومات يمكن أن ترتكب بطبيعة الحال بواسطها مثلما في ذلك مثل التليفزيون أو البريد وهذه الجرائم يمكن أن تبدأ من القذف حتى التحريض على القتل أو التحريض على الدعارة وكذلك جرائم الفيروس المعلوماتي التي تدمر الملفات وتشوهه المعلومات.
ومن البديهي أيضاً أن جرائم المعلوماتية البحته مثل الدخول غير المشروع في نظام معلوماتي وكذلك التزييف يمكن ارتكابها بواسطة الإنترنت ومع ذلك فإن ذاتية هذه الجرائم يجعل ارتكابها بواسطة الإنترنت يؤدي إلى تدويل التجريم وجعلها ذات طابع دولي يصعب معه مكافحة الإجرام. ([15])
نظراً لخصوصية الجريمة التي ترتكب بواسطة الإنترنت([16]) التي تؤدي إلى تدويل التجريم فإن المشكلة الأساسية التي تثيرها هي تعدد المعلومات المتبادلة والطابع الدولي لهذه الجريمة. ومع ذلك فإن تحديد الأجهزة ومكانها لا يثير صعوبة إلا في حالة خاصة فمثلا في دولة S إذا كان أصل الخطاب أو المعلومة والتي تشكل جريمة جنائية يوجد خارج تلك الدولة وكان اختصاص القاضي الوطني مستبعد، إلا في حالة ما إذا كان الفاعل أو المجني عليه يحمل جنسية تلك الدولة، أو في حالة ما إذا كانت الجريمة تؤدي إلى المساس بالمصالح الأساسية للدولة أو المصالح العالمية.
أن الطابع الدولي للجريمة المرتكبة بواسطة شبكات الإنترنت قد أدى إلى مشاكل فيما يتعلق بتحديد المسئولية الجنائية لمرتكب الفعل غير المشروع على الشبكة وذلك لاختلاف القوانين الدولية والعادات والتقاليد كأن تكون بعض الأشياء مجرمة في دولة ومتاحة في دولة أخرى، كذلك حالة ارتكاب الجريمة في دولة وموقع النظام ومستخدم الجهاز في دولة أخرى. كل هذه الأشياء تؤدي إلى بعض الصعوبات في تحديد مسئولية مرتكب الفعل.
3- تنوع المجني عليهم:
والسبب في تنوع المجني عليهم في الجريمة المعلوماتية هو إتساع نطاق هذه الجريمة بسبب التوسع في الاعتماد على الحاسب الآلي وشبكة الإنترنت([17]) والشئ اللافت لذلك أن سلبية المجني عليه أو ضحايا الجريمة المعلوماتية وخوفهم من الإبلاغ حفاظاً على سمعتهم ومكانتهم المرموقة خير معنى معين على التمادي في اقتراف مثل هذه الجرام. ومما يساعد على ذلك أن هذه النوعية من الجرائم تقع في بيئة لا تعتمد التعاملات فيها على الوثائق والمستندات المكتوبة بل على نبضات الكترونية غير مرئية لا يمكن قراءتها إلا بواسطة الحاسب الآلي البيانات التي يمكن استخدامها لأداة ضد الفاعل يمكن في أقل من النافية العين بها أو وضوحها بالكامل.
4- صعوبة إثبات جرائم الحاسب الآلي بوجه خاص :
نظراً للطابع الخاص الذي تتميز به هذه الجرائم، فإن إثباتها يحيط به الكثير من الصعوبات التي تتمثل في صعوبة اكتشاف هذه الجرائم لأنها لا تترك أثراً خارجيا فلا توجد جثث لقتلى ولا آثار دماء وإذا اكتشفت الجريمة فلا يكون ذلك إلا بمحض الصدفة. ([18]) إن هذا النوع من الإجرام المعاصر الحديث نسبيا على ساحة الجريمة يثير الكثير من نواحي متعددة أهمها صعوبة الاكتشاف والإثبات كما أن هذا الإجرام يتسم بالمكر والحيلة والدهاء والغش والإحتيال باستخدام تقنيات معلوماتية عالية الكفاءة وترجع صعوبة إثبات الجرائم المرتكبة بواسطة الحاسب الآلي إلى خصائص هذه التقنية ذاتها خاصة أن المجرم المعلوماتي يتميز بالذكاء وبمهارة تقنية عالية ومعارف فنية في مجال المعلوماتية وأنظمة وبرامج الحاسب الآلي. ([19])

توصيات ومقترحات:
نحاول في تلك السطور إيجاد بعض الحلول لمعوقات إثبات جرائم السب والقذف عبر الإنترنت بصفة خاصة وجرائم الإنترنت بصفة عامة من خلال بعض التوصيات وهي:
1- أنه آن الأوان لصدور تشريع جديد يسمى قانون الإنترنت ذلك الفرع من فروع القانون الذي يتناول الجوانب القانونية لإثبات جرائم الإنترنت وما يرتبط به من تقنيات أخرى وهي تقنيات تثير في مجال الدراسات القانونية قضايا ذات طبيعة خاصة تبرر تفردها بقواعد قانونية خاصة إنه فرع لا محالة قادم من فروع القانون.
2- أنه أصبح من الأهمية بمكان التدريب بالنسبة للمتعاملين في مجال انفاذ القانون وتأهيلهم لتطوير معلوماتهم في مجال الإنترنت وكيفية إثبات جرائم وطرق استخلاص الدليل واستنباط خاصة بالنسبة لأعضاء النيابة العامة والقضاة والخبراء وتدريبهم على التعامل في مثل هذا النوع من القضايا التي تحتاج إلى خبرات فنية خاصة.
3- الاهتمام بدراسة الحاسب الآلي في كليات الحقوق والتدريب على كيفية تطبيق القواعد العامة في الإثبات الجنائي على جرائم الإنترنت وإلقاء الضوء على تلك الجرائم وكيفية ارتكابها ووسائل إثباتها وكيفية تحقيقها.
4- إجراء تعديل تشريعي على قانون العقوبات للنص صراحة على أن الإنترنت يعد وسيلة من وسائل العلانية في قانون العقوبات وقانون الإنترنت المقترح حيث أن النتيجة وهي العلانية تتحقق عن طريق الإنترنت مع الأخذ في الاعتبار أنه أوسع انتشاراً من باقي وسائل النشر والعلانية التقليدية.
5- إجراء تعديل تشريعي في قانون الإجراءات الجنائية بشأن الإجراءات التي يجب إتباعها لتفتيش الحاسب الآلي وضبط المعلومات التي يحويها وكذلك البريد الإلكتروني وأية تقنية أخرى تفيد في إثبات الجريمة ومد التفتيش إلى أية أنظمة كمبيوتر أخرى تكون متصلة بالنظام محل التفتيش.
6- تيسير طرق الإثبات في مجال جرائم السب والقذف عبر الإنترنت بالنسبة للنيابة العامة كسلطة إتهام مع وضع الضمانات الكفيلة بإقتراح حقوق الشرعية الإجرائية للمتهم. وذلك بشرح كيفية إثبات ذلك النوع من الجرائم بطريقة ميسرة وتساير التقدم التقني كتلك الجرائم بالنص على ذلك مثلاً في التعليمات العامة للنيابات وغيرها من الإرشادات.

المراجــع
1- د. أحمد حسام طه تمام – الجرائم الناشئة عن استخدام الحاسب الآلي – دار النهضة العربية – 2000.
2- أ.د. أحمد فتحي سرور – الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص 1979 مكتبة رجال القضاء.
3- أ.د. جميل عبد الباقي الصغير – القانون الجنائي والتكنولوجيا الحديثة – الكتاب الأول – الجرائم الناشئة عن استخدام الحاسب الآلي – دار النهضة العربية.
4- المستشار فاروق علي الحفناوي – موسوعة قانون الكمبيوتر ونظم المعلومات – الكتاب الأول قانون البرمجيات – دار الكتاب الحديث – 2001.
5- المستشار عبد الفتاح بيومي حجازي – مكافحة جرائم الكمبيوتر والإنترنت في القانون العربي النموذجي – دار الفكر الجامعي 2006.
6- أ.د. مأمون سلامة – قانون الإجراءات الجنائية معلقاً عليه بالفقه وأحكام القضاء – مكتبة رجال القضاء 1980.
7- المستشار محمد محمد الألفي – جرائم النشر الإلكتروني – مركز تطوير الأداء والتنمية 2008.
8- المستشار محمد محمد الألفي – المسئولية الجنائية عن الجرائم الأخلاقية عبر الإنترنت – المكتب المصري الحديث الطبعة الأولى – 2005.
9- الأبحاث:
أحمد عاصم عجيله – بحث في موضوع الحماية الجنائية لبرامج الحاسب الآلي – مقدم في الدورة التنشيطية الخامسة عشر لأعضاء النيابة العامة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية – يناير – إبريل 2002.

([1]) المستشار فاروق علي الحفناوي، موسوعة قانون الكمبيوتر ونظم المعلومات - الكتاب الأول قانون البرمجيات – دار الكتاب الحديث – 2001، ص28.


([2]) المستشار محمد الألفي – جرائم النشر الإلكتروني – مركز تطور الإدارة والتنمية 2008- ص7.


([3]) أ.د. أحمد فتحي سرور – الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص 1980 – مكتبة رجال القضاء ص66.


([4]) نقض 16 يناير سنة 1950 مجموعة الأحكام س1 رقم 83 ص 251، نقض 17 يناير سنة 1961 س12 رقم 15 ص94.


([5]) قضى بأنه يستوي أن تكون عبارات القذف أو السب التي أذاعها الجاني منقولة عن الغير أو من إنشائه هو، ذلك أن نقل الكتابة التي تتضمن جريمة ونشرها يعتبر في حكم القانون كالنشر الجديد سواء بسواء (نقض 20 ديسمبر سنة 1960 مجموعة الأحكام س11 رقم 181 ص929). وانظر نقض 16 يناير سنة 1950 مجموعة الأحكام س1 رقم 83 ص 251.


([6]) بشرط أن يثبت قصده الجنائي نحو إسناد هذا المعنى السيئ.


([7]) أ.د. أحمد فتحي سرور – المرجع السابق ذكره، ص 669، 671.


([8]) نقض 10 إبريل سنة 1930 مجموعة القواعد جـ2 رقم 20 ص9. في هذا المعنى نقض 25 ديسمبر سنة 1939 مجموعة القواعد ج5 رقم 33 ص 54. ومسألة تعيين الشخص المقذوف في حقه أمر موضوعي تفصل فيه محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية دون رقابة محكمة النقض (نقض 18 إبريل سنة 1937 مجموعة القواعد ج4 رقم 211 ص 224).


([9]) أد. أحمد فتحي سرور – المرجع السابق ذكره، ص 699.


([10]) نقض 14 أكتوبر 1948 مجموعة القواعد في 25 عاما س 2 رقم 78 ص 776.


([11]) نقض 2 ديسمبر 1950 و11 مارس 1956 مجموعة القواعد في 25 عاما ج2 رقم 74 و75 ص 735.


([12]) المستشار محمد محمد الألفي – جرائم النشر الإلكتروني – مركز تطوير الأداء والتنمية 2008- ص 88، 89.


([13]) المستشار محمد محمد الألفي – المسئولية الجنائية عن الجرائم الأخلاقية عبر الإنترنت – المكتب المصري الحديث – الطبعة الأولى – 2005 – ص 69، 70.


([14]) المستشار محمد محمد الألفي – المسئولية الجنائية عن الجرائم الأخلاقية عبر الإنترنت مرجع سبق ذكره، ص 69، 70.


([15]) د. أحمد حسام طه تمام – الجرائم الناشئة عن استخدام الحاسب الآلي – دار النهضة العربية – 2000، ص245.


([16]) د. أحمد حسام تمام – المرجع السابق ذكره – ص 249، 250.


([17]) المستشار عبد الفتاح بيومي حجازي – مكافحة جرائم الكمبيوتر والإنترنت في القانون العربي النموذجي – دار الفكر الجامعي – الطبعة الأولى – 2006.


([18]) د. جميل عبد الباقي الصغير – القانون الجنائي والتكنولوجيا الحديثة – الكتاب الأول – الجرائم الناشئة عن استخدام الحاسب الآلي – دار النهضة العربية – ص11.


([19]) أحمد عاصم عجيلة – بحث بعنوان الحماية الجنائية لبرامج الحاسب الآلي – مقدم في الدورة التنشيطية الخامسة عشر لأعضاء النيابة العامة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، 2002.

----------------------------------

مرسوم بقانون رقم 131 لسنة 2011 قانون افساد الحياة السياسية

بعد الإطلاع على الاعلان الدستورى الصادر فى 13 من فبراير لسنة 2011


وعلى الإعلان الدستورى الصادر فى 30 من مارس لسنة 2011


وعلى قانون العقوبات


وعلى قانون الإجراءات الجنائية


وعلى المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 فى شأن جريمة الغدر المعدل بالقانون رقم 173 لسنة 1953


وبعد موافقة مجلس الوزراء..


قرر


المرسوم بقانون الآتى نصه وقد أصدرناه:


(المادة الأولى)


يستبدل بكلمة “الغدر” أينما وردت فى المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 173 لسنة 1953 عبارة “إفساد الحياة السياسية”.


(المادة الثانية)


يستبدل بنصوص المواد (1/أ) ، (2) ، (3) ، (4) من المرسوم بالقانون رقم 344 لسنة 1952 والمعدل بالقانون رقم 173 لسنة 1953 المشار إليها النصوص الآتية:


مادة (1/أ):


عمل ما من شأنه إفساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الإضرار بمصلحة البلاد، أو التهاون فيها.


مادة (2):


مع عدم الإخلال بالعقوبات الجنائية أو التأديبية يجازى على الجرائم المنصوص عليها فى المادة (1) من المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 173 لسنة 1953 بالجزاءات الآتية أو بأحدها:


(أ‌) العزل من الوظائف العامة القيادية.


(ب‌) سقوط العضوية فى مجلسى الشعب أو الشورى أو المجالس الشعبية المحلية.


(ج) الحرمان من حق الانتخاب أو الترشيح لأى مجلس من المجالس المنصوص عليها فى الفقرة (ب) من هذه المادة لمدة أقصاها خمس سنوات من تاريخ الحكم.


(د) الحرمان من تولى الوظائف العامة لمدة أقصاها خمس سنوات من تاريخ الحكم.


(هـ) الحرمان من الانتماء إلى أى حزب سياسى لمدة أقصاها خمس سنوات من تاريخ الحكم.


(و) الحرمان من عضوية مجالس إدارة الهيئات أو الشركات أو المؤسسات التى تخضع لإشراف السلطات العامة لمدة أقصاها خمس سنوات من تاريخ الحكم.


ويحكم بالجزاءات ذاتها أو بإحداها على كل من اشترك بطريق التحريض أو الاتفاق أو المساعدة فى ارتكاب أى من الجرائم المنصوص عليها فى المادة (1) من المرسوم بقانون رقم (344) لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم (173) لسنة 1953 ، ولولم يكن من الأشخاص المذكورين بتلك المادة.


ويجوز الحكم برد ما أفاده الجانى من فعله وشركائه وتقدر المحكمة مقدار ما يرد، كما يجوز للمحكمة أن تحكم على الجانى وشركائه بتعويضه ما حدث من ضرر لأى شخص من الأشخاص الاعتبارية العامة.


مادة (3):


” تختص محكمة الجنايات بالنظر فى الجرائم المنصوص عليها فى المادة (1) من المرسوم بقانون رقم (344) لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم (173) لسنة 1953 أو الفصل فيها”.


ويحدد رئيس محكمة الاستئناف بعد موافقة الجمعية العمومية للمحكمة دائرة أو أكثر للاختصاص بنظر تلك الجرائم.


ويتم إعلان المتهم بالجلسة المحددة وباتباع إجراءات المحاكمة وفقا للقواعد المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية.


مادة (4) :


يتم تحريك الدعوى الجنائية فى الجرائم المنصوص عليها فى المادة (1) من المرسوم بقانون رقم (344) لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم (173) لسنة 1953 بمعرفة النيابة العامة، وذلك من تلقاء ذاتها أو بناء على بلاغ يقدم إليها مدى توافرت بشأن المتهم أدلة جدية على ارتكابه لأى من هذه الجرائم، وذلك بعد تحقيق قضائى تجريه النيابة العامة فى هذا الشأن.


“وتكون لها كافة الصلاحيات المقررة قانونا بشأن سلطات التحقيق والاتهام ومباشرة الدعوى أمام المحكمة”.


(المادة الثالثة)

تلغى البنود (ب)،(ج)،(د)،(هـ) من المادة (1) كما يلغى نص المادة (6) من المرسوم بقانون رقم (344) لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم (173) لسنة 1953 .


(المادة الرابعة)


يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا المرسوم بقانون.


(المادة الخامسة)


ينشر هذا المرسوم بقانون فى الجريدة الرسمية وتكون له قوة القانون ويعمل به اعتباراً من اليوم التالى لتاريخ نشره.

-------------------------------------------------



النص الكامل لمشروع قانون التصويت للمصريين بالخارج في اول انتخابات بعد ثورة 25 يناير


ياتي هذا النص بعد الاجتماع الطارئ لمجلس الوزراء الذي وافق علية في اجتماعه برئاسة الدكتور عصام شرف و يضم القانون المقترح ثماني مواد لتنظيم مشاركة المصريين بالخارج في الانتخابات.


وفيما يلي نص القانون:


(المادة الأولي): تكفل الدولة للمصريين المقيمين خارج البلاد ممارسة حقي الاقتراع في الانتخابات العامة وإبداء الرأي في الاستفتاء وفقا للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون. وتشرف لجنة الانتخابات الرئاسية المنصوص عليها في المادة (28) من الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 على كيفية ممارسة المصريين في الخارج لحق انتخاب رئيس الجمهورية، كما تشرف اللجنة العليا للانتخابات المنصوص عليها في المادة 39 من ذات الإعلان المشار إليه علي كيفية ممارسة المصريين المقيمين في الخارج لحق الاقتراع وإبداء الرأي في الانتخابات التشريعية والاستفتاء.



(المادة الثانية): على من يرغب من المصريين خارج البلاد المقيدين بقاعدة بيانات الناخبين ممارسة حق الاقتراع وإبداء الرأي خارج البلاد إبداء رغبتهم بطلب يقدم لقنصلية جمهورية مصر العربية في الدولة التي يقيم بها. وينشأ بكل قنصلية سجل لقيد تلك الطلبات، وتصدر لجنة الانتخابات الرئاسية أو اللجنة العليا للانتخابات على حسب الأحوال قرارا بمواعيد التسجيل وإجراءاته وكيفية إعداد كشوف الناخبين وطريقة عرضها ومواعيد ومكان العرض. ويحق للناخبين المشار إليهم في هذه المادة، دون غيرهم، الاقتراع وإبداء الرأي في اللجان الفرعية المخصصة لذلك خارج جمهورية مصر العربية.



(المادة الثالثة ): الموطن الانتخابي للمصري المقيم في الخارج هو محل إقامته داخل مصر الثابت ببطاقة الرقم القومي.



(المادة الرابعة): لا يقبل في إثبات شخصية الناخبين المصريين المقيمين في الخارج سوى الرقم القومي أو جواز السفر المصري ساري الصلاحية لمن سبق له استخراج بطاقة رقم قومي.



(المادة الخامسة): تنشأ مقار انتخابية في دوائر اختصاص البعثات الدبلوماسية والقنصلية خارج البلاد وفقا للقواعد التي تقررها اللجنة العليا للانتخابات. وتحدد لجنة الانتخابات الرئاسية، أو اللجنة العليا للانتخابات علي حسب الأحوال عدد اللجان الفرعية خارج البلاد التى يجري فيها الاقتراع في الانتخابات الرئاسية أو العامة وإبداء الرأي في الاستفتاء وتعيين مقارها، كما تعين مقار اللجان العامة وذلك كله بالتنسيق مع وزير الخارجية.



(المادة السادسة): تشكل اللجان العامة المشرفة علي الانتخابات والاستفتاء خارج البلاد من عدد من أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي، ويعين أمين لكل لجنة من العاملين بوزارة الخارجية. وتشكل اللجان الفرعية من رئيس وآخر احتياطي من أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي وأمين سر وعضو من العاملين بوزارة الخارجية أو العاملين المدنيين بالدولة، ويجوز أن يرأس عضو السلك الدبلوماسي أو القنصلي أكثر من لجنة فرعية على أن يضمها جميعا، ودون فواصل، مقر واحد يتيح لرئيسها الإشراف الفعلي عليها جميعا. ويكون تشكيل اللجان العامة والفرعية بقرار من لجنة الانتخابات الرئاسية أو اللجنة العليا للانتخابات على حسب الأحوال بناء علي ترشيح من وزير الخارجية.



(المادة السابعة): يطبق فيما لم يرد بشأنه نص في هذا المرسوم بقانون نصوص القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية وتعديلاته.



(المادة الثامنة): ينشر هذا المرسوم بقانون في الجريدة الرسمية، وتكون له قوة القانون، ويعمل به اعتبارا من اليوم التالي لنشره.

----------------------------------


مسودة حكم القضاء الإدارى بالمنصورة بمنع أعضاء الحزب الوطنى المنحل من الترشح فى الانتخابات البرلمانية المقبلة فى سابقة قضائية هى الأولى من نوعها

باسم الشعب

مجلس الدولة

محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة

الدائرة الأولى

*****************

بالجلسة المنعقدة علنا فى يوم الخميس الموافق 10/11/2011

برئاســـة الســـــيد الأستــاذ المستشـــــار /

حاتم محمد داود فرج الـلـه نائب رئيس مجلس الدولة

رئيس المحكمة

وعضوية السيدين الأستاذين المستشارين /

عماد عبد المنعم عطية نــــــائب رئيس مجلس الدولة

أحمد عبد السلام أحمد حافظ نائــــب رئيس مجلس الدولة

وحضـــور الســــيد الأســــتاذ المـــستشار (م.أ) /

أحمد حسن محمد مفوض الدولــــــــــــــــــــــــة

وسكرتــــــــــــــــارية السيــــــــــــــــــــــد /

المتولى محمد المتولى أمــيـــــــــن الســــــــــــــــــــر

أصدرت الحكم الآتى

فى الدعوى رقم 1593 لسنة 34 ق

المقامة من محمود عبد الخالق السعيد


ضد
(1) رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته

(2) رئيس مجلس الوزراء بصفته

(3) وزير العدل بصفته

(4) رئيس اللجنة العليا للانتخابات بصفته

(5) رئيس اللجنة العامة لانتخابات مجلس الشعب بمحافظة الدقهلية

الإجراءات:

أقام المدعى دعواه الماثلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 31/10/2011 وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف إدراج المرشحين الواردة أسماؤهم بصدر الصحيفة أو من كانوا ينتمى للنظام البائد ـ الحزب الوطنى الديمقراطى سابقا- بجداول الانتخابات البرلمانية لمجلسى الشعب والشورى 2011/2012 مع ما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان مع إلزام المدعى عليهم المصروفات، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم المصروفات.

وذكر المدعى شرحا لدعواه أن اللجنة العليا للانتخابات مجلس الشعب أعلنت عن فتح باب الترشح لعضوية مجلس الشعب لسنة 2011/2012 وذلك بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير العظيمة التى أشاد بها الأعداء قبل الأصدقاء ووصفها المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأنها لا تقل عن نصر حرب أكتوبر المجيدة.. وعلى الرغم من صدور حكم المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب الوطنى وأيلولة ممتلكاته للدولة، فقد قبلت اللجنة العامة للانتخابات بمحافظة الدقهلية أوراق ترشيح عدد ليس بالقليل من أعضاء الحزب الوطنى المنحل لانتخابات مجلسى الشعب والشورى منهم على سبيل المثال محمد أسامة حامد أبو المجد عمر (فئات)، الشبراوى عبد الحميد حجازى حسن (فئات)، أحمد عبد العزيز العفيفى إسماعيل (عمال)، شوقى فهمى السيد عامر (عمال)، محمد أحمد عبد الخالق إسماعيل (عمال)، وشوقى عبد العليم موسى (عمال). ونعى المدعى على قرار اللجنة العامة للانتخابات بالدقهلية بقبول أوراق ترشح المذكورة أسماؤهم مخالفته لحكم المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب الوطنى، ولحكم محكمة الأمور المستعجلة بإزالة اسم رئيس الحزب المنحل عن جميع المنشآت والميادين والأماكن العامة فى الدولة.

وتحدد لنظر الدعوى أمام هذه المحكمة جلسة 10/11/2011 وتداولت المحكمة نظر الدعوى على النحو الثابت بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى حتى الساعة الثانية ظهرًا للرد على الدعوى وتقديم المستندات والمذكرات، حيث أودع الحاضر عن جهة الإدارة حافظة مستندات طويت على ملفات ترشيح المذكورة أسماؤهم بصحيفة الدعوى، وارتأت المحكمة اختصام المدعى عليهم من الأول إلى الثالث وكان ذلك فى مواجهة الحاضر عن الدولة، وقررت المحكمة حجز الدعوى لإصدار الحكم بذات الجلسة وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.

ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أنه وإن كان للخصوم تحديد طلباتهم بالعبارات التى يصوغونها وفقا لما يرونه محققا لمصلحة كل منهم، ويختارون لهذه الطلبات السند القانونى الذى يرونه أرجح فى قبول القضاء لهم موضوعيا بهذه الطلبات، فإن تحديد هذه الطلبات وتكييف حقيقة طبيعتها القانونية أمر مرجعه إلى المحكمة، إذ عليها أن تتعمق فيما يحدده الخصوم فى المنازعة الإدارية من طلبات وأسانيد قانونية لتصل المحكمة إلى التكييف الصحيح لحقيقة هذه الطلبات وتنزل عليها أحكام القانون غير متقيدة بما أورده الخصوم من عبارات أو ألفاظ لا تتحقق من خلال معناها الظاهر حقيقة نواياه وغاياته فى المنازعة ومقاصده منها. ذلك أنه من المسلمات أن العبرة بالمقاصد والمعانى وليس بالألفاظ والمباني. (المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 916 لسنة 26 ق جلسة 9/1/1983، والطعن رقم 2343 لسنة 32 ق- جلسة 25/5/1991 والطعن رقم الطعن رقم 4011 لسنة 50 ق ع جلسة 5/12/2006).

المدعى قد أقام دعواه الماثلة تأسيسا على ما قضت به المحكمة الإدارية العليا بجلسة 16/4/2011 فى الطعون أرقام (20030)(20459)(20279) لسنة 57 القضائية عليا بانقضاء الحزب الوطنى الديمقراطى وتصفية أمواله وأيلولتها إلى الدولة على النحو المبين بأسباب الحكم.

ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم فإن حقيقة طلبات المدعى إنما تتمثل فى الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبى لجهة الإدارة المدعى عليها بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أعضاء الحزب الوطنى الديمقراطى الساقط من الترشح لانتخابات مجلسى الشعب والشورى لعام 2011/2012، تنفيذا للحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 16/4/2011 فى الطعون أرقام (20030)(20459)(20279) لسنة 57 القضائية عليا، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار اللجنة العامة لانتخابات مجلس الشعب بمحافظة الدقهلية بقبول أوراق ترشيح أعضاء الحزب الوطنى الديمقراطى الساقط لانتخابات مجلسى والشورى الشعب لعام 2011/2012.

ومن حيث إن الفقرة الأولى من المادة 118 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن (للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال من ترى إدخاله لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة.)

ومن حيث إنه مفاد ما تقدم أن المشرع أجاز للمحكمة من تلقاء نفسها ودون طلب من الخصوم أن تُدخل فى الدعوى من ترى ملاءمة إدخاله فيها تحقيقاً للعدالة وإظهاراً لوجه الحق فى الدعوى.

ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم فقد قدرت المحكمة إدخال كل من: رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، رئيس مجلس الوزراء، وزير العدل ـ خصوماً فى الدعوى.

ومن حيث إن الطعن على القرارات السلبية بالإلغاء لا يتقيد بمواعيد دعوى الإلغاء متى استمرت حالة امتناع جهة الإدارة عن اتخاذ الإجراءات الواجب اتخاذها قانونا قائمة، وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية الأخرى فإنها تكون مقبولة شكلا.. وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإن الفقرة الأولى من المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه (لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك فى صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها)

ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على أن ولاية محاكم مجلس الدولة فى وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من ولايتها فى الإلغاء وفرع منها، ومردها إلى الرقابة القانونية التى يسلطها القضاء الإدارى على القرار، على أساس وزنه بميزان القانون، وزنا مناطه مبدأ المشروعية، إذ يتعين على القضاء ألا يوقف قرارا إداريا، إلا إذا تبين له بحسب الظاهر من الأوراق وبدون مساس بأصل الحق أن طلب وقف التنفيذ قد توافر له ركنان: أولهما- ركن الجدية، ويتمثل فى قيام الطعن فى القرار، بحسب الظاهر من الأوراق، على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون، تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع. وثانيهما- ركن الاستعجال بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو لم يقض بإلغائه. (المحكمة الإدارية العليا- الطعن رقم 4562 لسنة 57 القضائية عليا-جلسة 27/11/2010)

ومن حيث إنه عن مدى توافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بجلستها المعقودة بتاريخ 16/4/2011 فى الطعون أرقام (20030)(20459)(20279) لسنة 57 القضائية عليا “بانقضاء الحزب الوطنى الديمقراطى وتصفية أمواله وأيلولتها إلى الدولة على النحو المبين بالأسباب………..”

وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة الإدارية العليا سالف البيان “أن إسقاط النظام يستتبع بحكم اللزوم والجزم سقوط أدواته التى كان يمارس من خلالها سلطاته بحيث لا ينفك عنها، وأهم هذه الأدوات ذلك الحزب الحاكم الذى ثبت بيقين إفساده للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية”. وإنه “إذا كانت ثورة 25 يناير سنة 2011 المجيدة قد أزاحت النظام السياسى وأسقطته وأجبرت رئيس الجمهورية السابق الذى هو رئيس الحزب الوطنى الديمقراطى على التنحى فى الحادى عشر من فبراير سنة 2011، فإن لازم ذلك قانونا وواقعا أن يكون الحزب قد أزيل من الواقع السياسى المصرى رضوخا لإرادة الشعب، ومن ثم، فلا يستقيم عقل أن يسقط النظام دون أداته وهو الحزب، ولا يكون على هذه المحكمة إلا الكشف عن هذا السقوط، حيث لم يعد له وجود بعد الحادى عشر من فبراير سنة 2011″.

ومن حيث إن المادة (24) من الإعلان الدستورى تنص على أن (تصدر الأحكام وتنفذ بأمر الشعب، ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون، وللمحكوم له فى هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة).

وتنص المادة (280) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه (لا يجوز التنفيذ الجبرى إلا بسند تنفيذى اقتضاء لحق محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء. والسندات التنفيذية هى الأحكام ……………………………………

ولا يجوز التنفيذ فى غير الأحوال المستثناة بنص القانون إلا بموجب صورة تنفيذية من السند التنفيذى عليها صيغة التنفيذ التالية:

“على الجهة التى يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى طلب منها وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه ولو باستعمال القوة متى طلب إليها ذلك).

ومن حيث إنه يتبين من هذه النصوص أنه يتعين إعمالا للشرعية وسيادة القانون اللذين تخضع لهما جميع السلطات وتنزل على مقتضاها جميع الإدارات فى الدولة، أن تنفذ الجهات الإدارية الأحكام القضائية الواجبة التنفيذ طبقًا لأحكام القانون، وعلى كل من الموظفين العموميين المختصين بذلك إصدار القرارات الإدارية اللازمة لتحقيق هذا الغرض على سبيل الحكم والإلزام، فإن هى امتنعت دون حق عن تنفيذها فى وقت مناسب أو تعمدت تعطيل هذا التنفيذ اعتبر ذلك بمثابة قرار إدارى سلبى مخالف للقانون بالمعنى الذى قصده المشرع فى الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة. (المحكمة الإدارية العليا- الطعن رقم 1767 لسنة 34 القضائية- جلسة 22/11/1992).

ومن حيث إن هناك من الأحكام ما يتطلب لتنفيذه تدخلا من جانب جهة الإدارة بإصدار قرار معين لتنفيذ مقتضى الحكم، ومن ثم فإن امتناع جهة الإدارة عن إصدار هذا القرار يعد قرارًا إداريا سلبيا يستعدى عليه قضاء الإلغاء أو التعويض بحسب الأحوال.. (المحكمة الإدارية العليا- الطعن رقم 1835 لسنة 29 القضائية- جلسة 8/2/1986).

ومن حيث إنه من المظاهر الأساسية للمدنيات الحديثة خضوع الدولة فى تصرفاتها لحكم القانون، حتى أن الدول تتباهى فيما بينها بمدى تعلقها بأهداب القانون ورضوخها لمبادئه وأحكامه، ولذلك فإن التزام الإدارة بالتنفيذ الكامل غير المنقوص للأحكام القضائية يعتبر عنواناً للدولة المتمدينة وللدولة القانونية، ويعد امتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم القضائى الواجب النفاذ طبقاً لقانون مجلس الدولة أو تنفيذه تنفيذاً مبتسراً مخالفة قانونية صارخة، إذ لا يليق بحكومة فى بلد متحضر أن تمتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية أو أن تنحرف عن التنفيذ الصحيح لموجباتها بغير وجه حق قانونى لما يرتبه هذا الانحراف من إشاعة للفوضى وفقدان للثقة فى سيادة القانون، إذ لا قيام للدولة القانونية إلا بإعلاء مبدأ خضوع الدولة للقانون وإعلاء مبدأ المشروعية، ولا قيمة لهذا المبدأ الأخير ما لم يقترن بمبدأ تقديس واحترام أحكام القضاء ووجوب تنفيذها، فلا حماية قضائية إلا بتمام تنفيذ الأحكام الصادرة من السلطة القضائية، ولا قيمة للقانون بغير تطبيق وتنفيذ وإعمال مقتضاه على الوجه الصحيح.

وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان الحزب الوطنى الديمقراطى الذى قضى حكم المحكمة الإدارية العليا بسقوطه لما ثبت للمحكمة “بيقين إفساده للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية” للبلاد، لا يتصور عقلا ومنطقا، وهو لا يعدو أن يكون مجرد شخصية معنوية لا تملك من أمر نفسها شيئا، أن يفسد بنفسه الحكم والحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للبلاد لمدة تزيد على الثلاثين عاما. وحقيقة الأمر أن من أفسد الحكم والحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلاد هم الأشخاص الطبيعيون القائمون على شئون هذا الحزب من قيادات وكوادر وأعضاء الحزب الذين أحدثوا هذا الفساد بأفكارهم وأفعالهم والسياسات المريبة التى ابتدعوها، فعاثوا فى مصر فسادا، وجعلوا منها فريسة لأطماعهم، فسلبوا مواردها، ونهبوا ثرواتها، وباعوا أراضيها ومصانعها وتراثها لكل مغامر، واستغلوا نفوذهم للحصول على منافع شتى لأنفسهم ولذويهم، وأضروا إضرارا جسيما بالمصالح العليا للبلاد، وسنوا من القوانين ما يقنن الفساد ويقيد الحقوق والحريات، ثم ظنوا أنها دانت لهم وأصبحت مطية لطموحاتهم المريضة فوضعوا الخطط ويسروا السبل كى تورث لهم كتركة لا صاحب لها، ونسوا أن بها شعبا عظيما أبيا لا يقبل الظلم وإن طال أمده، ويرفض القهر والاستبداد وسلب الحريات، فثار عليهم وأسقطهم فى ثورة مجيدة جددت آمال هذا الشعب فى الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.. وبذلك فإن من أسقطه الشعب فى ثورته المجيدة لم يكن الحزب الوطنى الديمقراطى فقط بل قيادات وكوادر وأعضاء هذا الحزب أيضا، ومن ثم فإن تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا لا يجب أن يقتصر على مجرد استرداد مقار الحزب وأمواله المملوكة بحسب الأصل للدولة، وإنما يجب أن يمتد بالضرورة وبحكم اللزوم إلى قيادات وكوادر وأعضاء هذا الحزب باتخاذ الإجراءات وإصدار القرارات الكفيلة بمنعهم من مزاولة العمل السياسى بكافة صوره وأشكاله بما فى ذلك الترشح لانتخابات المجالس النيابية باعتباره أبرز صور العمل السياسى، الأمر الذى من شأنه أن يحول دون استمرارهم فى إفساد الحكم والحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلاد والتأثير سلبا على ثورة الشعب المجيدة. خاصة أن المهمة الأساسية لمجلسى الشعب والشورى المقرر انتخابهما عام 2011/2012 إنما تتمثل، وفقا لنص المادة (60) من الإعلان الدستورى، فى انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد.. وبهذه المثابة يتعين على جهة الإدارة المبادرة إلى اتخاذ هذه الإجراءات ليصبح تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا كاملا غير منقوص، ويعتبر امتناعها عن اتخاذ هذه الإجراءات قرارا إداريا سلبيا مرجح الإلغاء يتوافر به ركن الجدية اللازم لوقف تنفيذ هذا القرار.

ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم أن يكون الحق فى الترشح لعضوية المجالس النيابية هو من الحقوق الدستورية التى لا يجوز الحرمان منها إلا بمقتضى أو موجب قانونى، ذلك أن احترام الأحكام القضائية الحائزة لقوة الشىء المقضى به وتنفيذها تنفيذا كاملا غير منقوص باعتبارها عنوان الحقيقة فيما فصلت فيه، هو من القواعد الدستورية الأساسية التى درجت الدساتير المصرية المختلفة على النص عليها وأكدت عليها المادة (24) من الإعلان الدستورى، ومن ثم يجب احترامها والالتزام بها بحسبانها تعبيرا عن سيادة القانون وخضوع جميع الأفراد والسلطات فى الدولة لأحكامه. وبذلك فإن حرمان أعضاء الحزب الوطنى الساقط من الترشح لانتخابات مجلسى الشعب والشورى يكون قائما على سند ومسوغ قانونى مشروع يتمثل فى التنفيذ الكامل لحكم المحكمة الإدارية العليا سالف البيان.

وحيث إنه بالإضافة إلى ما تقدم فإن من أهدروا الحقوق والحريات، وقوضوا دعائم الديمقراطية فى البلاد، وقاموا بتزوير إرادة الشعب فى جميع انتخابات المجالس النيابية طوال ثلاثين عاما، ومنعوا من عداهم من أفراد الشعب من الترشح لعضوية هذه المجالس، واحتكروا لأنفسهم زورا وبهتانا صفة تمثيل الشعب فيها، ليس لهم أن يطالبوا بحقوق طالما حرموا الشعب منها، بل عليهم أن يذوقوا ذات الحرمان لفترة مؤقتة ولحين تطهر المجتمع من أفعالهم، فلا يأمل فى العدالة من أتى يطلبها ويداه ملوثتان.

ومن حيث إنه فى ضوء ما تقدم، ومتى تبين عدم مشروعية امتناع جهة الإدارة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أعضاء الحزب الوطنى الساقط من الترشح لانتخابات مجلسى الشعب والشورى، وكانت اللجنة العامة للانتخابات بمحافظة الدقهلية قد قبلت أوراق ترشيح بعض أعضاء الحزب الوطنى الديمقراطى الساقط لخوض انتخابات مجلسى الشعب والشورى لعام 2011/2012، على النحو الذى أشار إليه المدعى بصحيفة دعواه ولم تنكره جهة الإدارة أو تعترض عليه، دون مراعاة لمقتضى حكم المحكمة الإدارية العليا سالف البيان، وذلك بالنظر إلى امتناع جهة الإدارة المدعى عليها وتقاعسها عن تنفيذ مقتضى هذا الحكم تنفيذا كاملا غير منقوص، ومبادرتها إلى اتخاذ الإجراءات وإصدار القرارات الكفيلة بمنع أعضاء الحزب الوطنى الديمقراطى الساقط عن الترشح للانتخابات، فقد أصبح من المتعين وقف تنفيذ القرارات الصادرة بقبول أوراق ترشيح من يثبت أنه كان عضوا بالحزب الوطنى الديمقراطى الساقط وقُبلت أوراق ترشيحه، بحسبان أن ذلك يعد أثرا من آثار وقف تنفيذ قرار جهة الإدارة بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه.

ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإن من شأن استمرار امتناع جهة الإدارة عن اتخاذ الإجراءات وإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ مقتضى حكم المحكمة الإدارية العليا على النحو سالف البيان، ترتيب نتائج يتعذر تداركها فى ضوء إجراء المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب بتاريخ 28/11/2011، الأمر الذى يتوافر بموجبه ركن الاستعجال فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ليتحقق بذلك ركنى طلب وقف التنفيذ من جدية واستعجال.


ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أعضاء الحزب الوطنى الديمقراطى الساقط من الترشح لعضوية مجلسى الشعب والشورى، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها وقف تنفيذ قرار اللجنة العامة للانتخابات بمحافظة الدقهلية بقبول أوراق ترشيح من يثبت أنه كان من أعضاء الحزب الوطنى الديمقراطى الساقط، وألزمت جهة الإدارة مصروفات طلب وقف التنفيذ، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.
-------------------------------------------------

قانون الغدر رقم 344 لسنة 1952
مادة 1
فى تطبيق احكام هذا القانون يعد مرتكبا لجريمة الغدر كل من كان موظفا عاما وزيرا او غيره وكل من كان عضوا فى احد مجلسى البرلمان أو احد المجالس البلدية او القروية او مجالس المديريات وعلى العموم كل شخص كان مكلفا بخدمة عامة أو له صفة نيابية عامة وارتكب بعد أول سبتمبر سنة 1939 فعلا من الأفعال الآتية :
ا ) عمل من شأنه افساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الاضرار بمصلحة البلاد او التعاون فيها أو مخالفة القوانين .
ب) استغلال النفوذ و لو بطريق الايهام للحصول على فائدة او ميزة ذاتية لنفسه او لغيره من اية سلطة عامة او أية هيئة او شركة او مؤسسة.
ج (استغلال النفوذ للحصول لنفسه أو لغيره على وظيفة فى الدولة أو وظيفة او منصب فى الهيئات العامة او اية هيئة او شركة او مؤسسة خاصة او للحصول على ميزة او فائدة بالاستثناء من القواعد السارية فى هذه الهيئات.
د) استغلال النفوذ بإجراء تصرف او فعل من شأنه التأثير بالزيادة او النقص بطريق مباشر او غير مباشر فى اثمان للعقارات والبضائع والمحاصيل وغيرها او اسعار اوراق الحكومة المالية او الاوراق المالية المقيدة فى البورصة او القابلة للتداول فى الاسواق بقصد الحصول على فائدة ذاتية لنفسه او للغير.
هـ) كل عمل او تصرف يقصد منه التأثير فى القضاه أو فى اعضاء اية هيئة خولها القانون اختصاصا فى القضاء او الافتاء.
و) التدخل االضار بالمصلحة االعامة فى اعمال الوظيفة ممن لا اختصاص له فى ذلك او قبول ذلك التدخل.
ويعتبر التدخل من غير المذكورين فى هذه المادة فى حكم الغدر اذا كان المتدخل قد استغل صلته بأية سلطة عامة.
مادة 2
مع عدم الاخلال بالعقوبات الجنائية او التأديبية يجازى على الغدر بالجزاءات الاتية :
 ا ) العزل من الوظائف العامة.
ب) سقوط االعضوية فى مجلسى البرلمان او المجالس البلدية او القروية او مجالس المديريات .
ج) الحرمان من حق الانتخاب او الترشيح لاى مجلس من المجالس سالفة الذكر لمدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم .
د) الحرمان من تولى الوظائف العامة لمدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم.
هـ) الحرمان من الانتماء الى اى حزب سياسى مدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم .
و) الحرمان من عضوية مجالس ادارة الهيئات او الشركات او المؤسسات التى تخضع لاشراف السلطات العامة ومن اية وظيفة بهذه الهيئات لمدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم .
ز) الحرمان من الاشتغال بالمهن الحرة المنظمة بقوانين او المهن ذات التأثير فى تكوين الراى او تربية الناشئة او المهن ذات التأثير فى الاقتصاد القومى مدة اقلها خمس سنوات من تاريخ الحكم.
ح) الحرمان من المعاش كله او بعضه.
ويجوز الحكم ايضا بأسقاط الجنسية المصرية عن الغادر كما يجوز الحكم برد ما أفاده من غدره وتقدر المحكمة مقدار ما يرد.
ويحكم بالجزاءات ذاتها عل كل من اشترك بطريق التحريض او الانفاق او المساعدة فى ارتكاب الجريمة سالفة الذكر ولو لم يكن من الاشخاص المذكورين فى المادة الاولى .
مادة 3
يحكم على كل من ارتكب فعلا من افعال الغدر من محكمة خاصة تؤلف برياسة مستشار من محكمة النقض وعضوية مستشارين من محكمة استئناف القاهرة يعينهم وزير العدل وأربعة ضباط عظام لاتقل رتبة كل منهم عن الصاغ يعينهم القائد العام للقوات المسلحة.
ويكون مقر هذه المحكمة بمدينة القاهرة ويشمل اختصاصها كل انحاء المملكة المصرية.
وتتولى النيابة العامة مباشرة الدعوى امام المحكمة .
ويجوز للمحكمة أن تحكم على الغادر وشركائه بتعويض ما حدث من ضرر لأى شخص من الأشخاص الاعتبارية العامة
مادة 4
ترفع الدعوى الى المحكمة من لجنة مكونة من اثنين يختارهما المؤتمر المنصوص عليه فى المادة 11 من الإعلان الدستورى المشار اليه بقرار يصدر باتفاقهما مشتملا على بيان بالواقعة والمواد المطلوب تطبيقها , ويكون للجنة فى أداء مهمتها أو لأحد عضويها أو لمن تندبه من رجال القضاء أو النيابة العامة جميع السلطات المخولة فى قانون الاجراءات الجنائية للنيابة العامة ولقاضى التحقيق بغير القيود الواردة فى المواد 51 و 52 و 53 و 54 و 55 و 57 و 91 و 97 من القانون المذكور .
ويحدد رئيس المحكمة اليوم الذى تنظر فيه الدعوى على ان يكون خلال خمسة عشرة يوما من تاريخ رفعها.
ويكون تكليف المدعى عليه بالحضور امام المحكمة قبل الجلسة بثمانية ايام كاملة على الاقل .
ويجوز له الاستعانة بمحام واحد.
ولا يجوز تأجيل نظر الدعوى اكثر من مرتين ولمدة لاتزيد فى كل مرة على اسبوع وينطق بالحكم مشفوعا بأسبابه.
مادة 5
اذا لم يحضر المدعى عليه رغم تكليفه بالحضور ولم يرسل محاميا ينوب عنه تنظر المحكمة الدعوى وتحكم فيها فى غيبته.
ويجوز للمحكمة أن تلزم المدعى عليه بالحضور أمامها وله فى سبيل ذلك أن تأمر بضبطه واحضاره .

مادة 6
لا يجوز الطعن فى الحكم الصادر فى الدعوى بأى طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية.
وينشر الحكم فى الجريدة الرسمية فى صحيفتين من صحف واسعة الانتشار خلال اسبوع من تاريخ صدوره.

مادة 7
فيما عدا الاحكام السابقة يتبع فى حفظ النظام فى الجلسة وفى تنحى القضاه وردهم .
وفى نظر الدعوة وفى الشهود والأدلة الاخرى الاحكام المقررة لذلك فى قانون الاجراءات الجنائية لمحاكم الجنح على ان تختص المحكمة ذاتها بالفصل فى الرد .

مادة 8
يعاقب المحكوم عليه على كل مخالفة لأحكام المادة الثانية تقع باستعمال الحقوق التى حرم منها بالحبس وبغرامة لاتقل عن مائتى جنيه ولا تزيد على الفين أو بأحدى هاتين العقوبتين.
ويعاقب بالعقوبة ذاتها من اشترك فى المخالفة بأى طريق من طرق الاشتراك .

مادة 9
على الوزراء كل فيما يخصه تنفيذ هذا القانون , ويعمل به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية .
صدر بقصر عابدين فى 5 ربيع الثانى سنة 1372 22 ديسمبر سنة 1952.

---------------------------------------

قانون الكسب غير المشروع بين الشريعة والقانون
قانون الكسب غير المشروع بين الشرعية والمشروعية
بعثت ثورة ( 25 ) يناير 2011 ، قانون الكسب غير المشروع رقم 62 لسنة 1975 إلى الحياة بعد أن كان نسيا منسيا ، وكان أخر عهد القانون تطبيقه على محافظ الجيزة الأسبق ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة فيما أسند إليه أنه حصل لنفسه وزوجته وولديه القاصرين كسب غير مشروع بسبب استغلاله للوظائف التى تولاها حيث دانته محكمة الجنايات
وإذ طعن المتهم على الحكم قضت محكمة النقض بتاريخ 28/4/2004 ببراءة المتهم مما أسند إليه وهو حكم أثار عند صدوره جدلا ، كما عجت الصحف السيارة بالتعقيب عليه تأييداً وإنكاراً لاعتناقه بأسبابه نعيا على القانون بعدم دستوريته وهو الجدل الذى أعيد إلى المشهد مجدداً فى ضوء ملاحقة رموز النظام السابق ممن رضعوا المال العام حراما ، وشبوا عليه فطاما ، فطاب لهم الحرام وحلا لهم مغنما
وقد أقام حكم النقض عماد ماقضى به على أن المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع رقم 62 لسنة 1975 أقامت قرينة مبناها افتراض حصول الكسب غير المشروع بسبب استغلال الخدمة إذا طرأت زيادة فى ثروة الخاضع لاتتناسب مع موارده متى عجز عن إثبات مصدر مشروع لها ، وهو مايخالف نص المادة ( 67 ) من الدستور من أن الأصل هو البراءة
تقديرنا لقضاء محكمة النقض فى شأن عدم دستورية المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع :
لاجدال فى أن حكم محكمة النقض فيما قضى به من براءة المتهم قد تنكب صحيح القانون ، وخالف المستقر عليه من أحكام المحكمة الدستورية العليا ، بل ومن قضاء محكمة النقض ، بل يخال لنا أن ذلك النموذج المثالى للخطأ المهنى الجسيم على تفصيل هذا بيانه :
أولا : عدم أحقية الحكم ـ أو أى محكمة ـ فى رقابة دستورية القوانين أو الامتناع عن تطبيقها
يجمع غالب االفقه على أن جميع المحاكم فى مصر على اختلاف أنواعها ، ودرجاتها فقدت حقها فى التصدى لرقابة دستورية القوانين أو الامتناع عن تطبيقها ركوناً إلى :
1 ـ أفصح الدستور صراحة ـ فى المادة 175 ـ على أن تتولى المحكمة الدستورية االعليا ، دون غيرها ، رقابة دستورية القوانين واللوائح ، وفى ذلك دلالة على عدم اختصاص المحاكم االعادية بالنظر فى دستورية التشريعات ، كما أكملت المادة ( 29 ) من قانون المحكمة الدستورية تأكيد ذلك بنصها على أن للمحاكم إذا قدرت عدم دستورية أن توقف الدعوى ، وأن تحيله الى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستوريته
2 ـ أن الدستور أكد ولأول مرة فى تاريخ الدساتير المصرية على مركزية الرقابة وحصرها فى المحكمة الدستورية العليا وهو ماأكدته المادة ( 25 ) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979فى المادة ( 25  (
3 ـ أن نظام مركزية الرقابة يؤدى إلى تفادى عيوب النظام اللامركزية وعدم الاستقرار فى الأحكام القانونية الذى يتحقق من تنافر وجهات النظر ، فقد تقرر جهة دستورية قانون ، على حين تقرر أخرى عدم دستوريته ، وهو ماأكدته المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا بأن القانون قد حرص على أن يكون لهذه المحكمة دون غيرها القول الفصل فيما يثور من منازعات حول دستورية القوانين واللوائح ، وهو اتجاه يكفل القضاء على عدم الاستقرار فى المعاملات ،كما يحقق وحدة فى التفسير ، ويساعد على بث الانسجام فى الصرح التشريعى ، ويجنب إشاعة القلق ،والتضارب فى الأحكام
4 ـ ويؤيد الفقه ماتقدم حيث ذهب الدكتور / وحيد رأفت بأنه لايعارض أحد فى انفراد المحكمة الدستورية العليا بالرقابة على دستورية القوانين ، فتلك هى وظيفتها الأولى ، وأهم أسباب وجودها بدلا من أن ينعقد الاختصاص لشتى المحاكم كبيرها وصغيرها فتتضارب الأحكام ، وتعم الفوضى
5 ـ والقضاء الدستورى كما يرى الدكتور فتحى عبد الصبور متفرد فى اختصاصه بمهمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين ، فأما انفراده بالرقابة فعلته أن مشاركة جهات أخرى فى هذه الرقابة من شأنه أن تتضارب به الأحكام والآراء حول دستورية القوانين وعدم دستوريتها وهو ماكان يحدث قبل قيام القضاء الدستورى المتخصص
6 ـ أن المحكمة الإدارية العليا قد تواترت أحكامها ـ سواء فى ظل أحكام المحكمة العليا أو المحكمة الدستورية ـ ومن ذلك حكمها فى الطعن رقم 528 لسنة 18 ق ، والطعن 832 لستة 24 ق ـ على أن المحكمة العليا هى الجهة القضائية المختصة دون غيرها بالفصل فيما يثار أمام الجهات القضائية من دفوع بعدم دستورية القوانين ، ويكون ممتنعا على المحاكم الأخرى التصدى للفصل فى هذه الدفوع الدستورية
ووفقا لما تقدم فان محكمة النقض بامتناعها عن تطبيق نصوص قانون الكسب غير المشروع جاوزت ولايتها وهو ماانحاز إليه الأستاذ الدكتور إبراهيم درويش وقتها وطلب إحالة المنازعة الى المحكمة الدستورية العليا
ثانيا : أدلة حكم محكمة النقض بمخالفة قرينة المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع لأحكام الدستور ( عرض وتعقيب (
خلص حكم محكمة النقض إلى أن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد تواتر على القضاء بعدم دستورية جميع النصوص القانونية التى تتعارض وافتراض براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان فلاسبيل لدحض البراءة بغير الأدلة التى تقدمها النيابة العامة ، وتبلغ قوتها الاقناعية مبلغ الجزم واليقين مثبتة بها الجريمة التى نسبتها للمتهم فى كل ركن من أركانها وبغير ذلك لاينهدم أصل البراءة ، كما لايملك المشرع أن يفرض قرائن قانونية لإثبات التهمة أو لنقل عبء الإثبات على عاتق المتهم وامتنعت المحكمة عن تطبيق النص وهو قول مردود عليه جملة وتفصيلا :
1 ـ فإما إنكار الحكم على المشرع وضعه للقرائن القانونية فمردود بأن ذلك أمر يقدره المشرع ، وليس للمحكمة أن تتسلط على السلطة التشريعية ، فضلا عن أن المشرع لم يضع هذه القرينة بالنسبة للكسب غير المشروع ، بل وضعه حين قدر أن هذه القرينة مما تلائم قواعد الإثبات ، وحسبنا أن نشير إلى نص المادة (330 ) من قانون العقوبات والتى عد فيها المشرع كل تاجر متفالسا بالتقصير متى كانت مصروفاته الشخصية أو مصاريف منزله مصاريف باهظة وهى قرينة تناهض أصل البراءة بمفهوم الحكم
2 ـ أن قضاء محكمة النقض بدوائر مغايرة قد خالف هذا الحكم حين أقر بحق المشرع فى وضع القرائن القانونية عامة ، وفى سلامة القرينة المقررة بالمادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع خاصة ، فالثابت من قضاء محكمة النقض بجلسة 27/12/1965 فى الطعن رقم 1356 لسنة 35 ق أنه اعتبر عجز الموظف عن إثبات مايملكه قرينة مقبولة على أن الزيادة فى ماله إنما حصلت فى استغلاله لوظيفة هى بذاتها من نوع الوظائف التى تتيح هذا الاستغلال ، ولم تر المحكمة عدم دستورية المادة المشار إليها
3 ـ أن استدلال حكم محكمة النقض بقضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن ماقضى به من نصوص تتعلق بمخالفة نص المادة ( 67 ) من الدستور استدلال فى غير موضع النص ، فالنصوص التى عرضت لها المحكمة كانت تتعلق بآحاد الناس ، ولم تتعلق بمن يشغل وظيفة عامة ، ويتأكد ماتقدم أن المشرع لم يجز إثبات القذف إذا تعلق بآحاد الناس ، وأجاز إثباته إذا تعلق بمن يشغل وظيفة عامة ، ودون أن يعتبر الحكم ذلك إخلالا بمبدأ المساواة المنصوص عليه فى الدستور
4 ـ أن قضاء المحكمة الدستورية العليا ومن ذلك حكمها فى الطعن رقم 42 لسنة 16 ق بجلسة 20/5/1995 ليتشدد فيمن يشغل الوظائف العامة ، وبما يغلب أن تقضى المحكمة بدستورية المادة الثانية إذا طعن بعدم دستورية هذه المادة ، ودليل ماتقدم أن لها قضاء متواتراً بأن انتقاد القائمين بالعمل العام وإن كان مريراً يظل متمتعا بالحماية التى كفلها الدستور لحرية التعبير عن الآراء بما يكفل الحق فى تدفق المعلومات وانتقاد الشخصيات العامة بمراجعة سلوكها وتقييمه وهو حق متفرع من الرقابة الشعبية النابعة من يقظة المواطنين المعنيين بالشئون العامة الحريصين على متابعة جوانبها السلبية
5 ـ أن ليس من محكمة النقض أن تمتنع عن تطبيق نص قانونى مادام النص لم يلغ من السلطة المختصة التى تملك التشريع ، أو لم يقض من المحكمة الدستورية العليا بتعطيل مفعوله متى قضت بعدم دستوريته
ثالثا : قرينة المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع لم توضع إعتسافاً ، بل مهد لها المشرع بأن افترض البراءة افتراضا ، ثم نقل عبء الإثبات فحسب على الخاضع فى إثبات ماهو ثابت أصلا وفرضا
لم يضع المشرع القرينة المنصوص عليها فى المادة الثانية من قانون الكسب غير المشروع اعتسافا ، بل مهد لهذه القرينة القانونية بأن استوجب على الخاضع لأحكام هذا القانون تقديم إقرارات ثلاث ، أولها : عند بداية خدمته ، ثم الاقرار الدورى ، ثم إقرار نهاية الخدمة
وقد استوجب المشرع أن يقدم الخاضع بالإقرار الأول ( إقرار بداية الخدمة ) بيانا بالذمة المالية ، وذمة الزوجة ، والأولاد القصر ، كما يتعين أن يتضمن الاقرار الأموال الثابتة والمنقولة ، ثم إقرار كل خمس سنوات على تقديم الاقرار السابق ، وكذلك إقرار عند انتهاء الخدمة
والأصل أن هذه الاقرارات حجة على المقر بما دون فيها ، فإن طرأت زيادة عليها فان على الخاضع أن يثبت مصدرها ، فالمشرع نقل عبء الإثبات الى الخاضع بعد أن ثبت لديه ماهو ثابت أصلا وفرضا بإقرار الخاضع ، فهو يستصحب ذلك الثابت ، وعلى الخاضغ إثبات مايخالفه بحسبانه مدعيا بخلافه
ويتأكد سلامة ماسبق أن المشرع لم يرتق بهذه القرينة الى القرائن القانونية القاطعة وهى التى لايجوز إثبات مايخالفها ، بل جعلها قرينة بسيطة ، ويجوز للخاضع أن يثبت بكافة طرق الإثبات مصدر ماطرأ من زيادة على ثروته التى قدرها بنفسه ابتداء وبغير تدخل من المشرع فى ذلك التقدير
مدى اتفاق قانون الكسب غير المشروع مع الشريعة الإسلامية
أولى الإسلام أرباب الوظائف العامة عنايته ، فاستوجب اختيارهم من أهل العلم والدين وذوى الإصلاح والتقوى ، كما استوجب حسابهم حساباً شديداً ، ومن الأثر ماروى به رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أعطاه الزكاة قائلا هذا لكم ، وهذا أهدى لى ، فخطب عليه السلام فى الناس منكراً على كل من يعمل بالخدمة العامة أن يجنى من عمله شيئا ، ثم قال فلينظر أحدكم إذا جلس فى بيته أيهدى إليه أم لا
ثم جاء خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده ونهجوا ذات النهج فى محاسبة أرباب الوظائف العامة ، فقد كان عمر بن الخطاب يأمر إذا قدم عليه العمال أن يدخلوا نهاراً ، ولايدخلوا ليلاً كيلا لايحتجبوا شيئا من الأموال
كما روى أن عمرا صادر أموال أبى هريرة عامله على البحرين لأنه اجتمعت له عشرة آلاف وقيل عشرون ألفاً بعد أن عقب بأن خيله تناسلت ، وسهامه تلاحقت ، وأنه أتجر ، فقال عمر انظر إلى رأس مالك ورزقك فخذه ،واجعل الآخر فى بيت المال
كما صادر عمر نص مال عمرو بن العاص عامله على مصر لأنه فشت له فاشية من متاع ورقيق وانية وحيوان ، ولم يكن له حين ولى على مصر ، فادعى عمرو أن أرض مصر مزدرع ومتجر ، وأنها أثمان خيل تناجت ، وسهام اجتمعت ، وأنه يصيب فضلا عما يحتاج إليه لنفقته
كما شاطر عمر أموال النعمان بن عدى عامله على ميسان ، ونافع بن عمرو الخزاعى عاملة على مكة ، ويعلى بن منية عامله على اليمن
وبالجملة فإن أحكام قانون الكسب غير المشروع لايناقض أحكام الشريعة الإسلامية ، وهى المصدر الرئيسى للتشريع فانه لايناقض أحكام أى من مواد الدستور ، سواء كانت أصل البراءة أو غيرها فما يكون لأحكام االشريعة إلا أن تقر إلا ماهو حق وعدل


-------------------------------------------------