2011-07-18

لأول مرة: تفاصيل العلاقة الخفية بين مبارك وطنطاوي..وأسرار احتفاظه بمنصبه لمدة 21 عاما في نظام الرئيس المخلوع



المشير والرئيس.. علاقة غامضة ما ظهر علي السطح منها لا يسمن ولا يغني من جوع.. أقاويل وشائعات تتردد.. حكايات تنسج بعضها يقوم علي جزء من الحقيقة غير أن معظمها لا يقترب ولو من بعيد لحقيقة العلاقة التي تربط رأس النظام بوزير دفاعه وحائط الصد الأقوي والأجدر بالثقة.. حيث لا توجد حسابات سياسية.. وأطماع في المقعد.. ورغبات في الإطاحة والابعاد والخلع أيضا.
 ومن هنا بات الحديث عن تلك العلاقة وكشف المستور الذي ظل أغلبه حبيسا طوال السنوات الماضية أمراً تفرضه الحالة الثورية التي تحكم وتطغي علي الشارع المصري منذ رحيل نظام الرئيس مبارك.. وتولي المشير محمد حسين طنطاوي مقاليد الحكم في مصر، ورغم الاعلان شبه الدائم من جانب المجلس العسكري وقياداته المختلفة رغبتهم في تسليم السلطة للمدنيين والعودة للثكنات.. إلا أن مساحة الثقة التي يتبادلها الشعب والجيش باتت هي أيضا الطريق الممهد الوحيد أمام المستقبل الأفضل والأكثر أمانا في الوقت الذي لا يتفق فيه أحد علي أحد.
المشير طنطاوي لم يكن العسكري الوحيد الذي واجهته أثناء توليه أحداث عظيمة محفوفة بالمخاطر، فكل من جلس علي مقعد وزير الدفاع ونال لقب المشير كان له نصيب من تلك الحياة المتقلبة غير الهادئة، غير أنه يكاد يكون العسكري الوحيد الذي تحاصره الأزمات من عدة جوانب فبعد رحيل نظام مبارك أصبح المجلس الأعلي للقوات المسلحة الشريعة الوحيدة في مصر تلك الشريعة التي أحالت أعضاء المجلس وفي مقدمتهم المشير طنطاوي أعلن ورجاله من بداية أحداث الثورة انحيازهم التام لمطالب الشعب المصري غير أن تسارع الاحداث والأزمات في المرحلة الصعبة التي تمر بها مصر،تسارع الأحداث تلك خلق لافتات ترفع في ميدان التحرير للمرة الأولي تطالب المشير بالتعديل والخروج ليتحدث بعد عدة أشهر من الصمت، ومطالبين أيضا بالإجابة عن تساؤلات عديدة وجدت طريقها للميدان في ظل حالة الحراك السياسي التي باتت هي صاحبة اليد العليا في الميدان وبقية ميادين مصر، فلم يكن عجيبا أن تعلو بعض الأصوات للمطالبة برحيل المشير، تلك الأصوات التي لا تشكك في نزاهة المجلس العسكري ولا تزايد علي وطنية الجميع، لكنها -وحسب تأكيدات غالبيتهم- يتحدث وفقا للمنطق السياسي وليس العسكري، فهم يريدون إجابة عن سر بقاء المشير في مقعده لأكثر من عشرين عاما، وصمته علي ما كان يحدث، مستندين في تساؤلهم هذا لموقفه من الخصخصة التي اتضح رفضه لها بأي شكل من الأشكال، ولأجل هذا يطالب الثوار المشير بالتحرك سريعا والاستجابة لمطالب الإصلاح كما فعل عندما أعلن رجال النظام المخلوع عن صفقة بيع بنك القاهرة وقال لهم بالحرف "مرفوض".
جدير بالذكر أن موقع "ويكيليكس" نشر عدداً من الوثائق الدبلوماسية السرية الأمريكية الأمريكية تكشف عن تحفظات الدبلوماسيين الأمريكيين في القاهرة بشأن شخصية المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة في مصر ووزير الدفاع المصري.
وجاء في البرقيات الدبلوماسية الأمريكية المرسلة من القاهرة الي واشنطن في عام 2008 وقت التحضير لزيارة وزير الدفاع واشنطن، ان طنطاوي يعارض الإصلاح الاقتصادي والسياسي الذي يري أنه يضعف سلطة الحكومة المركزية.
وجاء في إحدي البرقيات أن طنطاوي يهتم لأقصي الدرجات بالحفاظ علي الوحدة الوطنية، ويعارض مبادرات سياسية يعتقد أنها تشجع الانقسامات السياسية أو الدينية في صفوف المجتمع.
وذكرت الوثيقة أن طنطاوي ملتزم بمنع الزج بمصر في أي حروب جديدة، كما أنه أبدي مرارا عدم الارتياح لتركيز الولايات المتحدة علي مكافحة الإرهاب. وأوضح الدبلوماسيون الأمريكيون انه "ملتزم بمنع نشوب أي حرب أخري مع اسرائيل علي الاطلاق".
وقالت البرقية إن طنطاوي يعتبر أن دور الجيش هو حماية الشرعية الدستورية والاستقرار الداخلي، كما ذكرت أنه كان متشككا في برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في مطلع العقد الماضي معتقدا أن تخفيف سيطرة الحكومة علي الأسعار والإنتاج يغذي زعزعة الاستقرار الاجتماعي.
وأضافت أن حسين طنطاوي سيجادل بأن أي شروط للمساعدات العسكرية تعتبر غير بناءة وسيقول أيضا إن الجيش لا يقف وراء مشكلات حقوق الإنسان في مصر وسيقاوم مساعي الكونجرس الأمريكي لفرض شروط فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
في السياق ذاته كشفت برقية دبلوماسية أمريكية ثانية أن المشير محمد حسين طنطاوي كان مستاء من جمال ابن الرئيس السابق حسني مبارك واحتمال خلافته لوالده، وأنه لا يستبعد القيام بانقلاب لتصحيح الأوضاع في حالة غياب مبارك.
يعود تاريخ البرقية إلي أبريل 2007 وسربها ويكيليكس مؤخرا، وتورد تفاصيل اجتماع بين نائب مصري بالسفارة الأمريكية بالقاهرة.
وتبين البرقية أن البرلماني قال للأمريكيين إن جمال الذي يحتمل أن يخلف والده يري في كل من وزير الدفاع، ومدير المخابرات عمر سليمان، تهديدا لبلوغه هدفه في الرئاسة، كما أكد أن طنطاوي قال له بصورة شخصية إنه في حالة استياء متزايد من جمال.
وحذر المتحدث المصري الأمريكيين من ازدياد ثقة جمال ومجموعته بأن الأمور ستسير وفق هواهم بعد تعديلات دستورية أقرت في مارس 2007 ويعتقد أنها أتت لتكريس خلافة جمال، وأنه سيعمل علي إزالة العوائق التي تعترض طريق رئاسته (طنطاوي وسليمان).
وتقول البرقية إن المتحدث البرلماني أشار إلي أن طنطاوي قال له إنه لم يعد يستطيع احتمال فساد جمال و"حاشيته" وأنه "لا يستطيع تحمل ما حدث في البلاد وما يمكن أن يحدث بها". كما عبّر عن عدم ارتياحه للتعديلات الدستورية ورأي أن تنفيذ انقلاب في مرحلة ما بعد مبارك هو الحل الأفضل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق