كتب ياسر بركات
في الوقت الذي تعاني فيه الكنيسة القبطية من عدة مشاكل تؤلمها وتؤرقها ظهر علي السطح خلال الأيام القليلة الماضية مشكلة من أخطر المشاكل التي تهدد مستقبل الكنيسة وذلك بعدما أصدرت منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان التابعة لنجيب جبرائيل بياناً مفادة أن 100 ألف قبطي هاجروا للخارج نتيجة التهديدات السلفية المتشددة والمتعلقة بتطبيق الحدود
في الوقت الذي تعاني فيه الكنيسة القبطية من عدة مشاكل تؤلمها وتؤرقها ظهر علي السطح خلال الأيام القليلة الماضية مشكلة من أخطر المشاكل التي تهدد مستقبل الكنيسة وذلك بعدما أصدرت منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان التابعة لنجيب جبرائيل بياناً مفادة أن 100 ألف قبطي هاجروا للخارج نتيجة التهديدات السلفية المتشددة والمتعلقة بتطبيق الحدود
واعتبار الأقباط أهل ذمة وحرمانهم من الوظائف العليا وهو الأمر الذي سيؤدي إلي أن يكون عدد الأقباط المتواجدين في مصر في النازل عكس ما تريده الكنيسة مع أعداد المسلمين بالإضافة إلي أن هجرة الأقباط لبلاد الغرب ستضعف من قوتهم في ظل تنامي دور التيارات الدينية الأخري مثل الإخوان والسلفيين وهو ما سيضع الكنيسة في موقف ضعف إزاء التيارات الأخري الأقباط بعد أحداث ثورة 25 يناير يعيشون في حالة من الخوف والفزع من وصول الإسلاميين للحكم خاصة بعدما تنامي دورهم بعد سقوط نظام مبارك وأصبحوا هم المسيطرين علي مقاليد الأمور في الشارع السياسي لأنه في حالة وصول الإسلاميين للحكم سيكون الأقباط منبوذين وهو ما دفع العديد من الأسر القبطية لأن تفكر في الهجرة خارج مصر لتعيش في أمان بعيداً عن تهديدات السلفيين بالإضافة إلي ذلك فتزايد الأحداث الطائفية عقب أحداث 25 يناير كان سببا رئيسيا لأن يفكر عدد ليس بقليل من الأقباط في مغادرة مصر. وبمجرد أن وصل بيان نجيب جبرائيل للبابا شنودة ارتفعت حدة غضبه لدرجة أنه طلب حضور الأول لمناقشة الأمر وتكذيبه لأنه من شأنه أن يزعزع موقف الأقباط فبحسب ما ذكرت مصادر كنسية مطلعة لـ «الموجز» أن البابا عنف جبرائيل وطالبه بالكف عن البحث عن الشو الإعلامي علي حساب الأقباط وإصدار بيانات من شأنها إحداث نوع من القلق في صفوف الأقباط. بيان جبرائيل فتح النار علي عدة كنائس شهد أبناؤها علي الهجرة لخارج مصر حيث وصل لمسامع البابا أن أسقفية المعادي وكنيسة مارجرجس بالإسكندرية حيث تقوم الكنيسة بملء الاستمارة الخاصة بالهجرة والتي تبدأ بالسؤال عن سبب الهجرة وأغلب الأقباط يلعبون علي وتر الإحساس بالظلم والاضطهاد والمعاناة من الآخر لتكون البوابة الذهبية للحصول علي فيزا الهجرة لدرجة أن أمر البابا بفتح باب التحقيق مع الأنبا دانيال أسقف المعادي والقمص رويس وكيل البطريركية بالإسكندرية. وادعي تقرير لمنظمة «الاتحاد المصري لحقوق الإنسان» الأيرو ان ما يقرب من 100 ألف قبطي غادروا مصر بعد ثورة يناير بزعم عدم حماية النظام المصري لهم والظروف الأمنية التي تمارس ضدهم. رصد الاتحاد هجرة الأقباط منذ 19 مارس الماضي حتي الآن معربا عن توقعاته بأن النسبة ستصل إلي 250 ألف قبطي في نهاية العام الحالي وهي المرة الأولي من نوعها في رد فعل غير مسبوق علي تاريخ الشعب القبطي الغريب في الأمر أن الكنائس المصرية لم تعلق علي الأمر لتؤكد صحته من عدمه. الأقباط أصبحوا في موقف غاية في الصعوبة ففي الوقت الذي يشعرون فيه بأنهم مضطهدون ويمارس التمييز ضدهم تمارس الكنيسة هي الأخري نوعا من التعنت إزاءهم فيما يتعلق بأحوالهم الشخصية والمتعلقة بأمور الزواج والطلاق وغيرهما من الأمور التي وضعت أبناء كنيسة شنودة في حالة من الغليان إزاء مواقف الكنيسة من جانب وشعورهم بالاضطهاد من جانب آخر الأمر الذي يدفعهم لأن يفكروا في التحول إلي الطوائف الأخري أو الهجرة بالإضافة إلي ذلك موقف البابا شنودة أثناء اعتصام أبنائه أمام مبني ماسبيرو يطالبون بحقوقهم فكان بخلاف ما توقعوه لدرجة أنه طالبهم بفض الاعتصام حفاظاً علي استقرار الوطن غير أنهم اعتبروا موقف الكنيسة هذا موقف ضعف وأنها لن تستطيع جلب حقوقهم مما دفعهم للتفكير في الهجرة ألف مرة. ومن جانبه أكد الدكتور نبيل لوقا بباوي عضو مجلس الشوري السابق أن وضع الأقباط بعد ثورة يناير أفضل بكثير عن سابق عهدهم إلا أن هناك مطالب لابد من تنفيذها حتي لا يؤدي عدم تنفيذها إلي مشاكل طائفية من نوع جديد خاصة أن الحالة التي تمر بها مصر سيئة للغاية لا تسمح للتطرق لمثل هذه الفتن. وقال بباوي إن الدولة المصرية في الوقت الراهن متمثلة في المجلس العسكري والحكومة أمامها صعاب كثيرة لا تقبل معها مناقشة أوضاع الأقباط موضحاً أن مشاكل الأقباط التي يعانون منها ستظهر في الوقت المناسب مع اقتراح عدة توصيات لحل مشاكل الأحوال الشخصية ولذلك لابد من عرض مشروع قانون الاحوال الشخصية الموحد غير المسلمين الذي وافقت عليه الطوائف الثلاث الارثوذكسية والانجيلية والكاثوليكية لاقراره بعد أن وضع في ادراج المسئولين منذ عام 1979 وحان الوقت لأن يفرج عنه في الوقت الراهن. وعن بيان منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان الذي أفاد بأن هناك مئة ألف قبطي غادروا مصر بعد ثورة يناير أكد بباوي أن هذا الأمر لا يمت للحقيقة بصلة وأنه بيان مفتري من شأنه تأجيج مشاعر الأقباط وحثهم علي القيام باعتصامات تؤثر علي الحكومة بالسلب. وأوضح بباوي أن الأقباط لا يشعرون بأي نوع من القلق تجاه الجماعات الإسلامية علي رأسهم الإخوان والسلفيون الذين تصاعد دورهم السياسي عقب أحداث 25 يناير لافتا إلي أن الأقباط لن يتركوا مصر وسيعيشون في نسيج واحد مع إخوانهم المسلمين لأن مصر دولة مدنية وليست دينية وحتي إن وصل أحد الإسلاميين لكرسي الحكم. ويري ممدوح نخلة أن الأعداد الواردة في بيان جبرائيل مبالغ فيها وان كانت الهجرة لها ما يبررها لاسيما أن إجراءات الهجرة المتبعة والمعروفة للجميع تستغرق أكثر من عام وهذا يؤكد أن الهجرة كانت قبل الثورة وليست بعدها كما أنها ليست بالأعداد المذكورة في البيان. وشدد نخلة علي أن الأقباط بمختلف طوائفهم يرفضون الحماية الدولية رغم معاناتهم من موروثات الاضطهاد التي خلفها نظام مبارك البائد ولن يستطيع أحد أن يشكك في وطنية الأقباط وذوبانهم في نسيج الوطن مع المسلمين وتابع نخلة قائلاً: وضع الأقباط في مصر متوقف علي القوي السياسية التي ستحكم مصر بعد انتهاء المرحلة الانتقالية العصيبة ولذلك أطالب بضرورة تنفيذ النصوص والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت إليها مصر عن حرية العقيدة لممارسة الشعائر الدينية عن طريق اصدار قانون دور العبادة الموحد وكذا صدور قانون الأحوال الشخصية للمسلمين والأقباط لإزالة الاحتقان بين جناحي الأمة والأهم من ذلك ضرورة تشديد المؤسسة الحاكمة علي تجنب الضغط الأمريكي والتدخل في الشئون المصرية من خلال اصدار قانون الحد من الاضطهاد الديني وأن يكون حل المشاكل بين المسلمين والأقباط من خلال الشرعية المصرية فقط. وقال نخلة إنه رغم ذلك كله فإن أقباط مصر يثقون في المجلس العسكري ثقة لا حدود لها. أما القمص عبدالمسيح بسيط كاهن كنيسة السيدة العذراء بمسطرد فقال إن هجرة الأقباط لبلاد الغرب خلال الفترة الأخيرة نتيجة طبيعية لما شهدته البلاد خلال الأشهر الماضية من جملة من الأحداث الطائفية عقب احداث 25 يناير والتي كانت تستهدف الأقباط بالإضافة إلي ذلك تخوف أبناء الكنيسة من أن يحول الإسلاميون مصر من دولة مدنية إلي دولة دينية يتم تطبيق الحدود علي أهل الذمة. وأوضح بسيط أن عدد الأقباط الذين يريدون الهجرة خارج البلاد في تزايد مستمر وذلك نتيجة إحساسهم بالاضطهاد وزيادة وتيرة الفتن الطائفية فهم لا يرون بارقة أمل أمامهم فيلجأون للهجرة بسبب مخاوفهم مما قد يحمله المستقبل لهم. ويقول الأنبا مرقس أسقف شبرا ورئيس لجنة الإعلام بالمجمع المقدس إن الأقباط يعانون من العديد من المشاكل أبرزها تلك المتعلقة ببناء الكنائس وقانون الأحوال الشخصية لذا يشعر الأقباط بأنهم قلة ويعتقدون أنهم يعانون من التمييز ضدهم في ظل عدم وجود عدد كبير منهم في المناصب القيادية. وأضاف مرقس أن الكنيسة لا ترحب بهجرة أبنائها خارج أرض الوطن لافتا إلي أن الأقباط وطنيون 100% ولا يستطيع أحد أن يشكك في ذلك فليس الأقباط وحدهم الذين يفكرون في الهجرة بل توجد فئات أخري تريد أن تهاجر بغرض توفير حياة أفضل. ويري الأنبا بطرس الأسقف العام وسكرتير البابا أن الأقباط يعيشون في نسيج واحد مع إخوانهم المسلمين لافتاً إلي أنهم آمنون علي نفسهم وليس لديهم مشاكل مع المسلمين. وشدد بطرس علي أن الأقباط لا يفكرون في الهجرة من مصر نتيجة عدم شعورهم بالأمان موضحاً أن نسبة كبيرة من الشعب المصري لديه رغبة في الهجرة، وتابع بطرس قائلاً: وإذا نظرت لنسبة الأقباط في مصر ونسبة من يريد الهجرة ستجدهم نسبة اعتيادية بالنسبة لطبيعة البلد. وقال نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان إن الاتحاد رصد ظاهرة وقعت بالفعل بعد الثورة بعد التشدد السلفي تجاه الأقباط والذي جعلهم يخافون علي مستقبلهم ومستقبل أبنائهم موضحاً أن الاتحاد رصد أعداد المهاجرين الأقباط من خلال التعاون مع مكاتب تابعة له في الخارج والتي تنتشر علي مستوي أنحاء العالم. وأكد جبرائيل أن الذين غادروا مصر حصلوا علي تأشيرات سياحية ثم قاموا بعمل الهجرة من خلال الدول التي استقروا بها وأبرزها استراليا وأمريكا وكندا خاصة أن الأقباط يعيشون أسوأ أيامهم بعد الظروف التي خلقتها ثورة يناير بسبب التعصب الأعمي ضد المسيحيين وتعنت الجهاز الإداري في التعامل مع مشاكلهم وتابع رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان قائلاً: هجرة الأقباط لم تكن بسبب الحاجة إلي العمل أو الفقر كما قال البعض بل كانت من أفضل رجال الأعمال الذين يتخوفون من التهديدات السلفية المتشددة وتأثير ذلك علي حياتهم واقتصادهم واستثماراتهم التي تقدر بالملايين، وكانت الهجرة بواقع 16 ألف قبطي إلي ولاية كاليفورنيا و10 آلاف إلي نيوجيرسي، 8 آلاف إلي نيويورك وما يقرب من 8 آلاف إلي باقي ولايات أمريكا، 14 ألفا إلي استراليا و9 إلي مونتريال بكندا وحوالي 20 ألفا في أنحاء أوروبا وهولندا وإيطاليا وإنجلترا وألمانيا وفرنسا والنمسا. وشدد جبرائيل علي ضرورة التعامل مع تلك الظاهرة بجدية حتي لا تحدث كوارث طائفية لا يطيقها الوضع الحالي الذي تمر به مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق