2012-01-30

اللقاء الممنوع من النشر بين صفوت الشريف والمشير طنطاوي



في عام 1988 دخل المشير محمد حسين طنطاوي ـ رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة ـ قصر الرئاسة لأول مرة في حياته بعدما وقع اختيار الرئيس المخلوع عليه ليكون قائدا للحرس الجمهوري عقب سنوات قليلة من استلام مبارك حكم مصر.. وبعد عامين فقط من أحداث الأمن المركزي التي كادت تنهي حكم المخلوع في سنواته الأولي..
وقتها كان مبارك يشعر بالخطر.. ويخشي علي نفسه من مصير السادات.. وكان يبحث عن قائد بصفات خاصة ليتولي مهام قائد الحرس الجمهوري لتوفير أعلي درجات الأمان له ولأسرته وكل العاملين بجواره، وبعد الاطلاع علي ملفات المرشحين للمنصب لم يجد المخلوع أفضل من طنطاوي ليعهد إليه بالمهمة فقد كان المشير يتمتع بسيرة ذاتية طيبة للغاية بين زملائه ومن عملوا معه في صفوف الجيش المصري وكان محل ثناء من كل قيادات القوات المسلحة.
وفي الأيام الأولي له في قصر الرئاسة تعرف طنطاوي علي صفوت الشريف الذي كان يشغل وقتها منصب وزير الاعلام وكان الشريف دائم التردد علي القصر الجمهوري وكان يرافق المخلوع في كل تحركاته في تلك الفترة يرتب له اللقاءات مع وسائل الاعلام العالمية ويقدم له تقارير عن تناول الصحف والمجلات العالمية لما يجري في مصر من أحداث، وقد لاحظ طنطاوي مدي قوة العلاقة بين مبارك والشريف وعرف أن الطريق إلي قلب وثقة المخلوع يبدأ من وزير إعلامه لكنه لم يتسرع في الاقتراب من الشريف وظل شهورا طويلة يدرس ملفه في جهاز المخابرات ويقرأ تفاصيل التحقيقات معه في قضية المخابرات الشهيرة وطبيعة المهام الموكلة إليه لتجنيد الفنانات واستخدامهن في الايقاع بكبار السياسيين المصريين والعرب فيما عرف اعلاميا بعد ذلك بــ "فتيات السيطرة"، وبعد دراسة مستفيضة لأوراق القضية قرر طنطاوي التقرب من صفوت الشريف والتعرف عليه عن قرب.
كان الشريف وقتها قد أمضي ما يزيد علي الــ 6 سنوات في منصب وزير الاعلام بعدما جاء به مبارك من هيئة الاستعلامات، وكان قد اكتسب خبرة ودراية كبيرة بكواليس الحكم في قصر الرئاسة ، وكان يعلم كل كبيرة وصغيرة في القصر مستغلا في ذلك قدراته والخبرات التي اكتسبها من العمل في جهاز المخابرات، وسرعان ما توطدت العلاقة بين المشير طنطاوي والشريف وكون الثنائي جبهة قوية داخل مؤسسة الرئاسة ونجحا في الحصول علي ثقة وتأييد مبارك الذي كان لا يأخذ أي قرار إلا بعد الرجوع اليهما والتعرف علي وجهة نظرهما فيما يريد فعله، وكانت العلاقة بين الرجلين تزداد متانة وقوة بمرور الوقت واستمرت تلك العلاقة علي قوتها رغم محاولات عديدة قام بها زكريا عزمي رئيس الديوان لضرب تلك العلاقة.
وقد حمل عام 1993 بشري سارة لطنطاوي والشريف بعدما قرر المخلوع تعيين الأول وزيرا للدفاع في حكومة الدكتور عاطف صدقي بعدها تحولت العلاقة بين الرجلين من علاقة صداقة فقط الي علاقة زمالة، وكانا يحضران اجتماعات مجلس الوزراء ويجلسان جنبا إلي جنبا وقد لاحظ باقي الوزراء متانة العلاقة بينهما وكان الجميع يخشاهما ويقدم لهما القرابين للتقرب من عقل وقلب مبارك .
ومع مرور الوقت صار طنطاوي والشريف أحد مراكز القوي في نظام مبارك وكان المخلوع يثق فيهما ثقة عمياء جعلت الكثير من الوزراء يحقد عليهما، وظل الرجلان هما الأقرب لقلب مبارك حتي جاء عام 1995 والذي شهد محاولة اغتيال فاشلة للرئيس المخلوع خلال زيارته للعاصمة الأثيوبية أديس أبابا يومها ظهر نجم جديد زاحم طنطاوي والشريف في الاقتراب من مبارك ونيل ثقته وكان ذلك النجم الجديد اللواء عمر سليمان الذي نجح في تأمين موكب الرئيس وفي قتل عدد من المشاركين في محاولة الاغتيال.
بعد تلك الحادثة تغيرت شخصية مبارك تماما وصار لايثق في أحد إلا عمر سليمان ولم ينس يوما أنه صاحب الفضل في انقاذه من الموت بفضل نصائحه له بعدم ركوب سيارة عادية في الطريق من مطار أديس أبابا إلي مقر الاجتماع الذي كان مبارك متجها إليه.
علاقة مبارك بمدير مخابراته تسببت في توتر علاقته بطنطاوي والشريف بعد أن شعرا أن سليمان تخطي الحدود المسموح له بها في علاقته بالمخلوع وحاول الشريف من ناحيته الوقيعة بين مبارك وسليمان إلا أن جميع محاولاته انتهت بالفشل.
الغريب أنه حتي بعد خروج الشريف من الوزارة ظلت العلاقة بينه وبين المشير طنطاوي قوية للغاية ولم تتأثر بتجريده من كل المناصب التي كان يشغلها بل إن طنطاوي ــ طبقا لروايات بعض شهود تلك الفترة ــ نجح في اقناع المخلوع بالاستعانة بخدمات صفوت في رئاسة مجلس الشوري ليعود الرجل من جديد إلي واجهة المشهد السياسي بعد غياب لفترة قصيرة للغاية.
ومع عودة الشريف للحياة السياسية عادت جلسات الود بينه وبين المشير وكانا يواظبان علي حضور المناسبات الاجتماعية معا بحضور أفراد أسرتيهما،
متانة العلاقة بين الشريف وطنطاوي جعلت الأخير يتباطأ في إلقاء القبض علي الأول إلا أنه لم يستطع الوقوف في وجه الثوار ورضخ في النهاية للمطالب التي نادت بالقبض علي جنرال غرف النوم وتم إيداعه سجن المزرعة مع بقية شلة الفاسدين من رموز عصر مبارك.
غير أن القبض علي الشريف لم يحم المشير من الاتهامات التي توجه اليه كل يوم والتي تتهمه بحماية أبناء صفوت الشريف وبتوفير الغطاء لهما لممارسة عملهما دون أي مساءلة رغم كثرة البلاغات المقدمة ضدهما للنيابة العامة وتتهمهما بالتربح واستغلال النفوذ.
 "أشرف صفوت الشريف" الذي يعد نموذجا صارخا علي فساد نظام مبارك، فلم يكن نجل صفوت الشريف أذكي من ملايين الشباب المصري حتي تصبح ثروته 10 مليارات جنيه في أقل من عامين!!.. ولا يمتلك نجل رئيس مجلس الشوري السابق مؤهلات عبقرية تجعله أفضل من شباب مصر، لكنه يمتلك السلطة التي كانت متمثلة في والده وفي شبكات علاقاته السرية التي تكونت عبر سنوات عمله المتواصلة في جهاز المخابرات وقيادة العمليات السرية في الستينيات وصولا إلي وزارة الإعلام التي نهب ثرواتها علي مدار عشرين عاما، وأخيرا برئاسة مجلس الشوري والمجلس الأعلي للصحافة.
فقد كان صفوت الشريف يفتح شوارع الفساد أمام نجله، ويوفر له الحماية، وحرص علي أن تظل كل صفقات الابن في السر وبعيدا عن الإعلام، واختفي أشرف الشريف ليمارس عمليات الفساد بصورة غير مسبوقة ويؤسس شركات الدعاية والإعلان التي كانت مهمتها جلب الإعلانات وتوريدها للتليفزيون، وهنا بدأت لعبة الفساد الكبري، فكان تليفزيون مصر يأخذ 2000 جنيه ثمنا للدقيقة الإعلانية من أي شركة إعلانية، لكنه مع شركة أشرف الشريف كان يبيعها بـ100 جنيه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق