2012-03-22

مغالبة لا مشاركة!



فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية الأخيرة ذهب صوتى لقائمة «الثورة مستمرة» وفى الفردى إلى الأستاذ حافظ أبوسعدة، ولأن الإعادة كانت بين مرشحى الإخوان ومرشحين محسوبين على «الفلول»، فقد أعطيت صوتى للإخوان دون تفكير. المؤكد أن كثيرين فعلوا مثلى حينما وجدوا أن مرشحى الإخوان هم الأفضل مقارنة بمرشحى النظام الساقط، فهل يعقل أن يتعامل الإخوان مع صوتى وأمثالى باعتبارنا «إخوانا» ويتصرفون باعتبار أن هناك 20 مليونا صوتوا لصالح التيار الإسلامى؟!.


أسرد هذه المقدمة الطويلة لأقول إنه ليس كل من أعطى صوته للحرية والعدالة او السلفيين إخوانيا.. وحتى لو كانوا كذلك، وحتى لو صوت كل المصريين للإخوان والسلفيين فإن ذلك لا يعطيهم الحق فى محاولة الاسئئثار بلجنة المائة لكتابة الدستور.
لن أدخل فى جدل هل نسبة الخمسين فى المائة للبرلمان قانونية ودستورية أم لا، ربما تكون كذلك، وربما لا تكون، لكن من قال إن المشكلة فى القانون أو الدستور، وهل لو قالت المحكمة الدستورية او المحكمة الادارية العليا أنها سليمة تنتهى المشكلة؟.
المشكلة أولا وأخيرا سياسية وتتعلق بسلوك فصيل سياسى مهم يتهيأ أن يحكم قبضته على السلطة التنفيذية بعد أن أحكمها على السلطة التشريعية.
منذ وقت طويل يرفع الإخوان شعار «مشاركة لا مغالبة».. ومنذ أسابيع قالوا علنا وسرا أنهم ملتزمون بدستور يرضى الجميع. لكن وفى أول اختبار حقيقى لهذا الشعار فوجئنا أن «التيار التكويشى» داخل الإخوان هو الذى فرض كلمته للهيمنة على لجنة المائة.
ما أملكه من معلومات يقول إن الإخوان بعثوا برسائل قبل أسابيع لجهات كثيرة فى الدولة من أول المجلس العسكرى إلى الأحزاب والنقابات وكل من يهمه الأمر بأن الدستور سيكون توافقيا. وحتى صباح السبت الماضى كنت مقتنعا أن ذلك هو الذى سيحدث، وسيكون تصرفا أحمق لو أصر الإخوان والسلفيون على كتابة دستور على مقاسهم الخاص فقط.
إذا كان هذا الوعد الإخوانى صحيحا، وإذا كان الشارع السياسى لا يتحمل أن يصبغ الإخوان والسلفيون الدستور بصبغتهم، فما الذى يدفع الإخوان إلى الاستئثار بحصة الغالبية فى لجنة المائة؟!.ولماذا أصروا على هذه «تربسة الدماغ»، ثم شنوا هجوما على كل طرف فكر فى استخدام حقه الديمقراطى فى الاعتراض أو التظاهر؟!.
تقديرى المتواضع أن الإخوان كان لديهم فرصة تاريخية للمصالحة مع بقية القوى فى المجتمع من ليبراليين ويساريين وقوميين والاتفاق على تشكيل لجنة متنوعة بنسب متوازنة ترضى الجميع. لو حدث ذلك لكنا قد أنهينا تماما آثار الاستقطاب الخطير الذى نشأ بعد استفتاء 19 مارس الماضى وبعد الانتخابات البرلمانية.
مرة أخرى لا أتحدث عن النسب والتمثيل والانصياع لرأى الغالبية أو أحكام القانون، كل ذلك يصلح إذا كنا بصدد إصدار قانون لإنشاء شبكة مجارى أو رصف طريق، لكن نحن نتحدث عن دستور يفترض أن يستمر لعشرات وربما مئات السنين.
كيف فات على الإخوان هذا الأمر وبينهم كثيرون مدربون على العمل السياسى منذ سنوات.. كيف فات على الإخوان أن يكسبوا التيار الليبرالى إلى صفهم وهم مقبلون على معركة تكسير عظام مع المجلس العسكرى من الآن وحتى أول يوليو وربما ما بعده؟!.
كيف سمح الإخوان والسلفيون أن تصل الأمور إلى حد انسحاب أحزاب وشخصيات من لجنة كتابة الدستور؟!.
لو أن الإخوان صادقون فى أنهم ملتزمون بدستور مدنى ديمقراطى لكان منطقيا أن يتخلوا عن نسبة الخمسين فى المائة. إذن هل علينا أن نبدأ القلق ونخشى ألا يفى الإخوان بوعدهم الخاص بدستور يرضى الجميع؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق