من يفتح لنا طريق الزواج؟
دراسات تكشف عن وجود 1.5 مليون عانس في السعودية، مرشحة ان تصل الى 4 ملايين في ظل تقاليد تفرض الزواج من الاقارب. لجأت سعوديات إلي مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيسبوك" للبحث عن شريك حياتهن بسبب انتشار العنوسه التي وصلت إلى اكثر من 1.5 مليون عانس ومرشحه إن تصل إلى 4 ملايين.
وتعتبر العنوسة من أخطر المشكلات التي توجه المرأة السعودية، وخاصة في ظل وجود عادات وتقاليد تفرض عليها الزواج بأقاربها، وتندرج هذه العادات ضمن مسمى "العصبية العائلية أو القبلية" التي يرى البعض أنها تهدد المجتمع السعودي.
واجرت صحيفة "الوطن" السعودية استطلاعا مع عدد من الفتيات السعوديات اللاتي خضن التجربة فمنهن من أعجبت بطريقة تفكير الشاب وشخصيته ومنهن من هربت من غضبه وعلاقاته الغرامية.
وقالت هنادي إنها "رفضت شابا تقدم لها عندما تعرفت على شخصيته ولم تعجبها طريقة تفكيره واكتشفت اندفاعه وغضبه الشديد من خلال ردوده على أصدقائه".
وكان مفتي عام السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ وصف ارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع السعودي بأنه "نذير شر وبلاء ومصيبة".
وقال انه إذا كانت التقارير التي نسمع عنها عن هذه الظاهرة سواء كانت دقيقة أو مبالغا فيها فإنها "تدق ناقوس الخطر ولابد من إيجاد حلول لها".
وكشفت دراسة سعودية أن عدد الفتيات العوانس في السعودية مرشح للتزايد من 1.5 مليون فتاة حاليا إلى نحو أربعة ملايين فتاة في السنوات الخمس المقبلة.
وذكرت نتائج مسح ديموغرافي للسعودية عام 2007 أن عدد العوانس (فوق سن 30) في المجتمع السعودي بلغ 180412، وأشار المسح أن نسبة العنوسة بين السعوديات عام 2006 بلغت 2.6 بالمئة.
وتقول سارة سعد (29 عاماً) إن والدها المتشدد لا يقبل تزويج بناته ممن يقل عنهم نسباً، مشيرة إلى أنها سوف تنضم قريباً إلى قائمة العوانس رغما عنها "فمنذ عشر سنوات ومعاناتي واحدة وهي رفض والدي لأي شاب يتقدم لي وترجع أسباب ذلك إلى أن الشاب المتقدم ليس من قبيلتنا أو ليس من حسبنا ونسبنا، دون أن ينظر والدي لأخلاقه أو دينه ودون أن يأخذ رأيي بالزواج كأضعف الإيمان".
وتشير إلى أن المعضلة تكمن في كونها امرأة "فأخي متزوج بامرأة من دولة عربية ولم يقف أحد في وجهه بل لم تنظر حينها أسرتي إلى مرجع الفتاة وحسبها، لكن عند زواجي تظهر العنصرية، وللأسف مع مرور الأعوام قلّت فرصة زواجي بسبب تقدمي في العمر، بعد أن كانت فرص الاختيار متاحة لي في الماضي بشكل أكبر".
وكان الباحث السعودي الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي نشر قبل أعوام كتاب بعنوان "العصبية القبلية من المنظور الإسلامي" استعرض فيه مظاهر العصبية القبلية في العصر الحاضر في مجتمعي اليمن ونجد.
وقدم أمثلة واقعية لتقسيم المجتمع إلى طبقات عدة كطبقة السادة والمشايخ والقبائل والضعفة والمساكين وغيرها، مستعرضا أبرز مظاهر التعصب الموجودة كالاحتقار للآخرين ومنع التزاوج بين الطبقات المرتفعة والطبقات المتدنية، فضلا عن إلزام بعض الطبقات بالتزام عادات معينة في الزي واللباس تخالف طريقة الطبقات العليا حتى يستطيع الناس التمييز بينهم بمجرد النظر إليهم.
وتعاني المعلمة شيماء محمد (33 عاماً) من تفشي العصبية القبلية في أسرتها، حيث حرمت من الزواج بسبب فرض ولي أمرها زواجها من الأقارب فقط لتكون كأخواتها اللاتي تزوجن قبلها، إلا أنها فضلت البقاء دون زواج على حصرها بالزواج من أبناء العم أو أبناء الخالة.
وتقول إن العادات لدى أسرتها أن البنت لا تتزوج إلا من أقاربها، ويستحيل أن تأخذ برجل خارج العائلة، لاعتقادهم أن الرجل الغريب سوف يهينها ويضيق عليها حياتها ولضمان مسيرة السلالة والنسب للعائلة ذاتها.
وتؤكد أستاذة أصول التربية الإسلامية المساعد بجامعة الملك سعود الباحثة فاطمة بنت عايض بن فواز السلمي أن العصبية القبلية في بعض المناطق السعودية تحتاج وقفة تربويين لتحصين الطلاب والطالبات ضدها وتعزيز الانتماء الوطني لديهم، حسب صحيفة "الرياض".
وتقول في بحثها عن"دور المدرسة الثانوية في مواجهة الإرهاب وتعزيز الانتماء الوطني لدى الطالبات" إن المدرسة باعتبارها إحدى المؤسسات المجتمعية تمثل مجتمعا مثاليا لتشكيل وصقل شخصية طلابها وتهذيب سلوكهم العام كون الطالب يقضي من حياته أكثر من اثني عشر عاما في المدرسة تمثل أهم مراحل نموه قبل الانتقال إلى المرحلة الجامعية.
وتقول الأخصائية الاجتماعية نوف العبيدان إنها لا تنكر أن هناك اختلافا بين المدن السعودية من ناحية أمور العادات وأصول التربية "وهذا ما يحدث في البيت الواحد وبين الإخوة الأشقاء".
وتضيف "أتمنى أن نترفّع بمجتمعنا عن هذه الأمور التي باتت تقلق مصير فتياتنا، حيث ارتفعت نسبة العنوسة، والسبب العصبية القبلية إلى جانب المشاكل الأخرى التي قد تولدها النعرات من فجوات بين أفراد المجتمع الواحد.
وتستشهد العبيدان بموقف طريف ومحزن في الوقت ذاته "ففي إحدى المرات كنت أتحدث مع طفلة وذهلت عندما سألتني أنتِ 'قبيلية' أو 'خضيرية'؟، فقلت لها لا أعلم الفرق بينهما؟ فسألتني الطفلة التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها 'هل تسمي سفينة الصحراء جمل أم ناقة'؟، فأجبتها: جمل فقالت: أنتِ 'خضيرية'، مما استدعاني للضحك على طريقة استدلال الطفلة للأصول والأنساب".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق