2013-04-19

عزاء واجب للسيد الرئيس


فاجأنا السيد الرئيس بإصداره بيانا رئاسيا ينعي فيه وفاة السيدة المصرية كارمن وينشتاين التي توفيت عن عمر اثنين وثمانين عاما قبل أيام.. وأشاد البيان الرئاسي بالراحلة التي قال عنها البيان إنها كانت مصرية مخلصة عملت بلا كلل للحفاظ علي التراث المصري اليهودي العريق.. وعاشت وماتت في بلدها.. مصر!
والسيدة كارمن كما يوضح البيان من خلال جملة «الحفاظ علي التراث المصري اليهودي العريق» هي يهودية الديانة.. وكانت رئيسة للطائفة اليهودية في مصر، وتبدو كلمات البيان الرئاسي تقطر ألما وحزنا.. علي الفقيدة الراحلة.. كما يبدو من كلمات البيان الرئاسي أيضا اهتمام السيد الرئيس البالغ بالحفاظ علي التراث المصري اليهودي العريق!
ولا يخفي علي أحد اهتمام السيد الرئيس بكل ما هو يهودي سواء في مصر أو خارجها وسواء كان ذلك الاهتمام منصبا علي السيد الرئيس أو مساعديه مثل الدكتور عصام العريان الذي دعا يهود مصر في إسرائيل للعودة الي الوطن الحبيب لينعموا بخيراته - أنبوبة البوتاجاز في الوطن الحبيب بخمسين جنيها وطوابير السولار تمتد عدة كيلو مترات - ومن المنتظر أن يحصل المواطن المصري علي ثلاثة أرغفة لكل مواطن - وأيضا كانت دعوة عصام العريان ليهود مصر بالعودة الي الوطن الأم لينعموا بالأمن والأمان - تتفرغ الشرطة في مصر لمواجهة المظاهرات وقتلهم وتعريتهم تاركة باقي مهامها للمواطنين للقبض علي اللصوص وسحلهم وتعليقهم مشنوقين كالذبائح فوق أعمدة النور! وهكذا يتجلي حب مؤسسة الرئاسة لكل ما هو يهودي.. وهو الأمر الذي دعا السيد الرئيس للتنصل من وصف سابق لليهود بأنهم أحفاد للقردة والخنازير ليعتذر بعد الرئاسة عن ذلك الوصف باعتبار أن اليهود أطيب وأرق شعوب العالم وأنهم مفيش كده!!
وجاء البيان الرئاسي في نعي السيدة اليهودية المصرية كارمن غاية في الرقة والتأثر وهو أمر حميد دون شك.. باعتبار أن السيدة الراحلة رغم يهوديتها كانت مواطنة مصرية وظلت كذلك حتي الوفاة.
وكنا ننتظر معاملة الأقباط المصريين بنفس الروح الطيبة الوطنية باعتبارهم أصحاب الديانة الثانية في مصر وعددهم يصل لأكثر من عشرة ملايين.. وليس عشرة أفراد أو يزيد لباقي اليهود في مصر!!
ولكن نظرة متأنية للأمور تكشف أن الرئاسة ومؤسستها عندما يتعلق الأمر بالأقباط فهي لا تري ولا تسمع ولا تستثار وطنيتها أو رقة مشاعرها تجاههم ولو كان الأمر متعلقا حتي ببابا الأقباط.. مثلما حدث عند نياحة البابا شنودة الثالث، فإن الرئاسة لم تكلف خاطرها الوطني الرقيق بإصدار بيان تنعي فيه شريك الوطن والأحزان والآلام.. والرجل المشهود له بالوطنية وله مواقف عظيمة في خدمة وحب هذا الوطن.. ناهيك أنه الزعيم الديني لعشرة ملايين مواطن مصري أو ما يزيد.
وعندما سئل أحد معاوني السيد الرئيس إن كان رئيس كل المصريين سيذهب الي عزاء البابا الراحل. فقد أجاب معاون السيد الرئيس في استنكار حاد: انتوا عاوزينه يروح الكنيسة يعزي؟
وهكذا لم يكن هناك لا بيان عزاء ولا زيارة عزاء.. بل واستنكار حاد للأمر وكأنه من المحرمات.
وهكذا بدا السيد الرئيس أنه رئيس لأقباط مصر كده وكده.. وتصريح السيد مساعد الرئيس مابيكدبش!
ذلك في الوقت الذي ساهمت فيه الدولة أيام عبدالناصر بنصف تكاليف بناء الكاتدرائية.. بل وتبرع أبناء السيد الرئيس جمال عبدالناصر بمصروفهم مساهمة في بناء الكاتدرائية.. تلك الكاتدرائية التي جري ضربها بالمولوتوف والحجارة والغازات والرصاص الحي من البلطجية والشرطة تطبيقا لشعار الداخلية الجديد «الشرطة والبلطجية إيد واحدة»!!
وحتي عندما سقط قتلي أمام باب الكاتدرائية في الأحداث الأخيرة وعندما سقط سبعة قتلي أقباط في أحداث الخصوص وقبلها عشرات القتلي في أحداث طائفية أخري - لم تكلف الرئاسة نفسها بإصدار بيان تنعي فيه الضحايا.. لأنهم ليسوا يهودي الديانة.. بل هم مجرد أقباط!
وحتي لا نتجني علي الرئاسة نقول إنه ليس فقط شهداء الأقباط هم من لا يستحقون منها واجب العزاء.. فهناك عشرات ممن سقطوا ضحايا في الاتحادية من المسلمين.. تجاهلتهم مؤسسة الرئاسة، غير أن «شهيد» الإخوان المسلمين من ضحايا الاتحادية ذهبت السيدة حرم السيد مرسي رئيس الجمهورية لعزاء أسرته.. وهكذا يبدو أن الرئاسة لا تعترف بمواطني هذا البلد إلا إذا كان إخوانيا أو يهوديا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق