متي يفتح النائب العام ملفات البيزنس بين الامبراطور والهارب؟!
لاشك أن حالة الفوضي التي تعيشها مصر حالياً وسخونة الأحداث في تتبع وملاحقة بقايا جماعة الإخوان ومحاصرة مخططات الإرهاب ستجعل العديد من الملفات بعيدة عن التناول، ولاشك أن شبكات العلاقات التي جمعت قيادات الإخوان ووصلت إلي خارج الحدود تحتاج إلي إعادة نظر وقراءة، وعلي رأس تلك الملفات تأتي صفقات البيزنس التي سعت قيادات جماعة الإخوان إلي عقدها سواء مع فلول الحزب الوطني أو مع شخصيات خليجية لبناء مؤسسة البيزنس الإخوانية الجديدة في عهد المعزول محمد مرسي،
و نفتح ملف رشيد محمد رشيد رجل الأعمال ووزير الصناعة والتجارة في عهد مبارك والذي ظل اسمه يتردد خلال الفترة التي أعقبت الثورة وحتي الأمس القريب من دون أن تتدخل الجهات المختصة لتوضيح موقف هذا الوزير الهارب حتي الآن والمتهم بإهدار 15 مليار جنيه حسب تصريحات النائب العام عبدالمجيد محمود.
وعقب صعود جماعة الإخوان ووصول محمد مرسي إلي الحكم بدأ فريق رجال الأعمال الجدد ترتيب أوراقهم وكان اسم رشيد محمد رشيد والفريق أحمد شفيق علي رأس أولوياتهم، حيث يمتلك الأول مفاتيح التعامل مع تركيا التي تطمح الجماعة إلي فتح مجالات استثمار معها، كما يمثل الثاني وهو الفريق أحمد شفيق بالنسبة لهم أزمة كبيرة يجب التخطيط لتقليص دوره وكسر أنفه باعتباره آخر وأقوي أوراق فلول نظام مبارك وفق تقديرات مكتب الإرشاد.
بدأت الجماعة بملاحقة أحمد شفيق قضائياً مما اضطره إلي الهرب إلي الإمارات، في حين ظلت العلاقة مع وزير التجارة والصناعة الهارب أكثر تعقيداً، خاصة أن إمبراطورية المال الجديدة وعلي رأسها حسن مالك وخيرت الشاطر تري في رشيد محمد رشيد مكسباً كبيراً وضرورة عقد صفقة معه، فرشيد شخص مهم بل مقرب جداً من دوائر الإخوان ربما لكونه إحدي حلقات الاتصال العربي والآسيوي للإخوان ولعلاقاته المهمة بالتنظيم الدولي وبرجال الأعمال في تركيا وفوق هذا كله فهو حاصل علي الرضا الأمريكي.
رجل الأعمال الأقوي والأقرب إلي مرسي "حسن مالك" أدلي بتصريحات تشير إلي إمكانية التعاون مع رشيد وقال لوكالة «رويترز» في 27 أكتوبر 2011: "إن السياسات الاقتصادية التي كانت متبعة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك كانت تسير في الطريق الصحيح لكن شابها تفشي الفساد والمحسوبية.. يمكن أن نستفيد من القرارات الاقتصادية السابقة، عرف رشيد محمد رشيد جيداً كيف يجتذب الاستثمارات الأجنبية وكانت قراراته صائبة في هذا الصدد".
ورغم الجدل الذي أثارته تلك التصريحات خاصة أنها تحمل إمكانية دخول الفلول إلي الحياة السياسية والاقتصادية إلا أن الأهم هو ذكر اسم "رشيد محمد رشيد" الهارب بأموال المصريين! ولم يهتم حسن مالك بفتح ملف رشيد قضائياً بقدر ما سعي إلي توظيف وتسخير وزير الصناعة والتجارة السابق لخدمة توجهات الجماعة.
وعقب هذا التصريح ظهرت عشرات الأخبار التي تشير إلي لقاءات سرية جمعت بين رشيد وحسن مالك، وهو الأمر الذي أثار غضب رجل الأعمال المنافس "خيرت الشاطر" الذي بدأ هو الآخر يدخل في مفاوضات واضحة وصريحة مع وزير الصناعة والتجارة الهارب رشيد محمد رشيد، خاصة أن "الشاطر"كان يلهث وراء كبري الشركات العالمية وكان يعرف جيداً أن مملكة رشيد أو إمبراطوريته تستحق منه أن يجري العشرات من المفاوضات والمحاولات، فالوزير السابق الهارب يمتلك شركة "فاين فودز" وشركة "يونيليفر مشرق"، ووكيل منتجات صابون "أومو"، ومنتجات مرقة دجاج "كنور"، وشاي "ليبتون"، وشاي "بوندز"، وصابون ومستحضرات تجميل "ريكسونا"، وصابون ومستحضرات تجميل "صن سيلك"، وصابون ومستحضرات تجميل "دوف"، ومرقة دجاج منتجات "فاين فودز"، وصابون ومستحضرات تجميل "آكس"، واستمرت محاولات نائب المرشد واستغل فيها ضعف موقف رشيد وقام بشراء ممتلكات له بأسعار متدنية، وهي المعلومات التي تم الكشف عنها منذ عام تقريبا حول اتفاقيات جرت بين جماعة الإخوان المسلمين ووزير الصناعة والتجارة الهارب إلي قطر رشيد محمد رشيد لتسوية أوضاعه، كما تم الكشف عن اعتزام رشيد بيع أملاكه في مصر بعد نجاحه بمساعدة خيرت الشاطر في استخراج مستندات تلك الأملاك خلال شهري فبراير ومارس 2011 وكان خيرت الشاطر قد نجح في شراء بعض أملاك رشيد في القاهرة ومنها عقارات ومكاتب ومصانع غذائية شهيرة، وسعي خيرت الشاطر لشراء أملاكه في الإسكندرية التي توجد بها معظم أصوله العقارية الكبري.
بعيداً عن التكهنات فمن المؤكد أن خيرت الشاطر نجح في الاستحواذ علي "يونيليفر مشرق"، وأظهرت اللافتات التي وضعها الشاطر في أثناء افتتاح محلات "زاد" بحضور مرشد الجماعة ذلك حيث حملت اللافتات شعار "يونيليفر مشرق"!!
والسؤال: كيف تم الاستحواذ أو المشاركة بين الشاطر ورشيد؟!.. وما هي تفاصيل تلك الصفقات وطبيعتها في الوقت الحالي؟!.. وهل تم إجبار رشيد علي دخول صفقات مع الجماعة بضغوط وتهديدات بالحبس؟!
إن الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يجيب عن تلك التساؤلات هو رشيد محمد رشيد الذي اختفي تماما منذ سقوط جماعة الإخوان كما اختفي منذ سقوط نظام مبارك، كما يمكن للنائب العام أن يفتح تحقيقاته حول ثروات رشيد وأين ذهبت وكيف تغاضت الجماعة عنه في حين لاحقت غيره بتهم الفساد؟!.. ليس هذا فحسب بل إن كثيراً من الوقائع تشير بقوة إلي مفاوضات جرت في الساعات الأخيرة لحكم مرسي مع الوزير الهارب للعودة وتولي منصب رئيس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة كحل أخير للأزمة التي أطاحت بحكم الجماعة، فقد تقدم محمد محسوب بمشروع للإنقاذ واقترح تغيير رئيس الوزراء هشام قنديل واستدعاء رشيد محمد رشيد لتولي منصبه وتشكيل وزارة جديدة تقلص حجم الغضب تجاه مؤسسة الرئاسة، وكان اسم رشيد -حسب تقديرات مكتب الإرشاد- يضمن رضا قطاعات واسعة ممن يطلق عليهم أنصار الاستقرار، ويضمن الاختيار شق صف الثورة وإخراج هذا الجزء الكبير من المواطنين من المعادلة، وقوبل الاقتراح برضا البعض من قيادات مكتب الإرشاد، لكن المفاوضات تعثرت تماما بسبب رفض سيدة الأعمال "حُسنة رشيد" الجلوس مع قيادات الجماعة التي مارست ضغوطاً علي شقيقها لبيع كافة ممتلكاته تحت التهديد بالحبس والملاحقة.
إن ملف رشيد محمد رشيد مازال مفتوحا وسنحاول أن نبحث عن خفايا هذا الرجل الذي ظل محط أنظار الجميع منذ سقوط مبارك وهروبه وحتي حكم مرسي، ولاشك أن هناك العشرات من أسماء رجال الأعمال وحيتان البيزنس في مصر ودول الخليج سيتم الكشف عنها في هذا السياق.


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق