فى تحليله لاوضاع مصر بعد فوز السيسى بالرئاسة قال ناثان براون، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة «جورج واشنطن»، أنه «لم يظهر في الأفق أي بديل لرئاسة المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي لمصر، سواء بسبب تصريحاته بعدم استبعاد ترشيح نفسه بعبارات واضحة ونهائية، أو بسبب عدم ظهور أي بديل آخر».
وأوضح «براون» أنه «إذا كانت الصورة المحلية واضحة، فهناك أيضًا إجماع دولي قوي إلى حد كبير، على أن السيسي سيبدأ رئاسته بدعم شعبي قوي، ولكن سيكون لديه صعوبة في تلبية التوقعات الشعبية».
وقال في مقاله بعنوان «فصل ربيع السيسي» إنه «بغض النظر عن أداء سياساته، فرئاسة السيسي من المحتمل أن تكون مخيبة للآمال، لكنها لن تكون كارثية مثل محمد مرسي»، موضحًا أن «هناك 3 أسئلة ستحدد الإجابة عليهم شكل المرحلة السياسية الجديدة».
وأوضح أن السؤال الأول يتعلق بالأمور الجيدة التي ستظهر في فصل ربيع السيسي، مشيرًا إلى أن السيسي سيأتي رئيسًا مع شعبية عالية بالفعل، ولن يكون لديه حاجة لبناء اسم لنفسه، فلا يوجد منافسون يهددون رئاسته، وبالتالي سيحاول أن ينأى بنفسه عن بعض الشخصيات والمؤسسات، الذين يدعمونه، خاصة إذا كانت أيديهم ملطخة بالدماء».
ويرى «براون» أن ربيع السيسي قد يزدهر أيضًا إذا قرر الاستماع للمحللين والمراقبين الدوليين، حول أن القمع قد ينتج عنه نتائج خطيرة، بالإضافة إلى أن آليات الإعلام لدعمه ونظامه ستثير المزيد من الحرج له، ما لم يتم اتخاذ إجراءات تصحيحية.
واعتبر أن ممارسات مؤسسات الدولة العميقة في مصر، التي تتسم بالحدية واللامبالاة والشعور بالإفلات من العقاب لدعمهم النظام الجديد، بالإضافة لعودة الأجهزة الأمنية لمعظم طرق البلطجة الخاصة بهم، ستؤثر على سمعة النظام على المدى الطويل، وأيضًا ستعزز من تواجد وقوة المعارضة.
وأضاف أنه ليست كل البطاقات في يد السيسي، وسيكون خصومه أكثر صخبًا مقارنة بالرؤساء السابقين، وبينما واجه السادات ومبارك معارضة منظمة إلى حد ما، سيواجه السيسي معارضة غاضبة وحازمة ولن تهدأ.
أما السؤال الثاني، من وجهة نظر الكاتب، فيتعلق «بماذا سيحدث عندما يتولى السيسي رئاسة البلاد؟، وما مدى قدرته على التحكم مركزيًا في النظام الجديد؟»، لافتًا أن «السيسي يخطو إلى الرئاسة التي شهدت بعضًا من تقليص سلطتها، خاصة في قدرتها على التحكم في مؤسسات الدولة الأخرى».
وأضاف «براون» أنه عندما يصبح السيسي رئيسًا، فسيختار زملاؤه السابقون في الجيش وزير الدفاع الجديد، وبالرغم من أن السيسي يسعى للحفاظ على منصبه، وزيرًا للدفاع، في أيدي موثوق بها، فإن علاقته مع زملائه السابقين قد تتغير تدريجيًا بطرق يصعب التنبؤ بها في الوقت الحالي.
وتابع أن «المؤسسة الدينية، التي كانت سابقًا تحت سيطرة الشخصيات التي تختارهم الرئاسة، هى الآن تتمتع باستقلالية كبيرة، بحيث تخضع لسيطرة أكثر مركزية من قبل الأزهر، بالإضافة لتحقيق الهيئات القضائية المختلفة أيضًا قدرًا من الاستقلالية، التي كانوا يطالبون بها في العصور الماضية».
وقال إن الرئاسة في نفس الوقت سيكون لديها الكثير من الأدوات لتسيطر بها على أجزاء مختلفة من جهاز الدولة مثل الهيمنة على البرلمان، وبالتالي سيكون لها صوت قوي في التشريع، وتشكيل مجلس الوزراء والميزانية.
واعتبر أنه حتى لو انخفضت سلطة الرئيس، فيمكنه التحكم في الهيئات المختلفة عن طريق المال، فالأزهر، على سبيل المثال، لديه طموحات للتوسع في جميع أنحاء المجتمع المصري، ولا يمكن القيام بذلك دون الدعم المالي من الدولة.
وقال «براون» إن السؤال الثالث يتمحور حول إذا كان الشعب المصري سيبتعد عن السياسة، موضحًا أنه «بعد ثورة 25 يناير، نمت الحياة السياسية بشكل كبير، وتضاعفت الأحزاب والحركات السياسية، ولكن النظام الحالي تعمد تهميش الحركات الاحتجاجية الكبيرة وقمعها، خاصة مختلف الحركات الإسلامية، وليس فقط جماعة الإخوان المسلمين.
وأوضح أنه لا أحد يعرف إذا كان الجو الحالي نتاج المزاج الشعبي الهستيري، الذي تسخره أجهزة الدولة لتحقيق غايات خاصة به، أم أن هذا الاتجاه يهدف ضد تسييس المجتمع المصري على المدى الطويل.
وأكد الكاتب أنه إذا فشل السيسي في تلبية المطالب الشعبية، وإذا كان البرلمان غير فعال، وتعمقت البيروقراطية، بالإضافة لغطرسة الأجهزة الأمنية، ستكون النتيجة إما قيام ثورة جديدة، أو استمرار التذمر واليأس، الذي تميز به المجتمع المصري في العقود السابقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق