2019-01-13

الفرق بين الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت

متحدث العاصمة الإدارية: المسجد والكنسية لم يكلفا الدولة جنيها واحدا

تعرّف على الفرق بين الطَّوائف المسيحيَّة الثلاث: البروتستانت والكاثوليك والأرثوذكس

الأرثوذكس، والكاثوليك، والبروتستانت هي الطَّوائف المسيحيَّة الثَّلاث المعروفة، والبعض مِنَّا لديه علمٌ ببعض المعلومات حول هذه الطَّوائف، ونعلم أنه يُوجد بابا للأرثوذكس في مدينة الإسكندرية، وآخر للكاثوليك في الفاتيكان، وهاتان الطَّائفتان هما الأكثر اعتناقًا من قِبَل النَّصارى في مُجتمعنا، ولكن هل خطر على بالك يومًا أن تعرف الفرق بين الطَّوائف الثَّلاث وما الاختلاف الذي يكمُن بينها ؟؟

حدوث الانفصال في المسيحيَّة

كانت الدِّيانة المسيحيَّة لعام 451م تنقسم لكنيسة شرقيَّة، وأخرى غربيَّة، وكل كنيسة لديها مُعتقداتها الخاصَّة حول المسيح والثَّالوث، إلى أن حلَّ عام 451م وحدث انفصال بين الكنيستين بسبب تكوُّن مجمع خلقدونية المسكوني، ما أدَّى إلى استقلاليَّة كل كنيسة عن الأخرى بصورة كاملة.
فذلك المجمع المسكوني هو عبارة عن اجتماع مجموعة من الشخصيات الكنسية والخبراء اللاهوتيين، ويتم عقد ذلك المجمع من أجل اتخاذ بعض القرارات التي تخصُّ أمور الكنيسة، ويتم جمع أصوات تلك الشخصيات على القرارات المأخوذة من أجل تنفيذها أو عدم تنفيذها حسب رأي الأغلبيَّة.
وكانت المجالس المسكونيَّة السَّبعة الأوائل والمُصدَّق عليها من جميع الفروع الشرقيَّة والغربيَّة للمسيحيَّة الخلقدونيَّة تُعقد بدعوات من أباطرة الإمبراطوريَّة الرومانيَّة المسيحيَّة، وقد قاموا بتنفيذ عدد من القرارات في هذه المجالس من خلال كنيسة الدولة للإمبراطوريَّة الرومانيَّة.
في مدينة خلقدون عُقد مجمع خلقدونيَّة، وهو ذلك المجلس الذي تم عقده في الفترة ما بين 8 أكتوبر و1 نوفمبر من عام 451م، ومدينة خلقدون مدينة إغريقيَّة قديمة في آسيا الوسطى تطل على مضيق البوسفور، وفي وقتنا الحالي أصبحت منطقة كاديكوي في مدينة إسطنبول، ويُعتبر ذلك المجمع هو المجلس الرابع المسكوني المُنعقد بواسطة الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، ومعظم البروتستانت، وقد حقَّق الإنجاز الأهم بالنسبة له، وهو إطلاق ما يعرف بـ”التعريف الخلقدوني”.
فمثلما ورد في التعريف الخلقدوني فإن السيد المسيح تصدق به طبيعتان لا تحضران إلا في شخص واحد وأقنوم واحد.
ولقد أحدث ذلك المجلس بما ورد فيه من تعريفات فيما يتعلق بالإلهية تغيُّرًا كبيرًا في المناقشات المسيحيَّة العلمية، وعلى الرغم من ذلك يوجد عدد قليل من النَّصارى الذين لا يصدقون على ذلك المجلس بما صدر عنه، ولقد كان الأشخاص الذين يوجهون النقد للمجلس يعرفون المقصود بـ”طبيعتين” في المسيح، كما كان مفهومًا من قبل عدد كبير من المؤرخين واللاهوتيين اليوم، بالإضافة إلى مجموعة المسيحيين الغربيين والأنطاكيين والكثيرين الذين لا يمتلكون معتقدات في تلك الطبيعتين والذين يعتقدون أن المسيح واحد.
ولقد أدَّى ذلك كُلُّه إلى انفصال الكنيسة الشرقية عن الكنيسة الغربية، وأصبحت كنيسة الإسكندرية هى التي تتولَّى قيادة جميع الكنائس الشرقيَّة، وأُطلق عليها الكنائس الأرثوذكسيَّة، وأصبحت الكنيسة الرومانيَّة (الفاتيكان في الوقت الحالي) تقود الكنائس الغربية، وأُطلق عليها الكنائس الكاثوليكيَّة، وحدث في القرن الـ11 أن انفصلت كنائس القسطنطينية والكنيسة اليونانيَّة والكنائس اللاتينيَّة، وتم إدراجها في قائمة الكنائس الأرثوذكسيَّة.

اللاهوت والناسوت

حتى نستطيع فهم أصل الاختلاف الذي شهده مجمع خلقدون، فلا بُدَّ أن نستعرض هذين المُصطلحين:
اللاهوت: وهو أي شيء له علاقة بالإله، والناسوت: وهو أي شيء له علاقة بالإنسان، واعتقاد النَّصارى في لاهوت السيد المسيح وناسوته يسير إلى كونه إلهًا وإنسانًا كاملين، ليجتمع لاهوته وناسوته في ذات الوقت.
ومصطلح طبيعتين لم يلقَ قبولًا من قبل الكنائس الشرقيَّة، وذلك المُصطلح يُساوي عندهم مصطلح شخصين، ولقد أطلقت تلك الكنائس على السيد المسيح مُصطلحًا آخرَ تصفه به، وهو “طبيعة واحدة”، كما جاء على لسان البابا كيرلس «طبيعة واحدة للإله الكلمة المتجسد»، وبكلمات أخرى فإن كنائس الغرب صدقت على اجتماع الطبيعتين اللاهوتية والناسوتية، في حين أن كنائس الشرق تصدق على أن الطبيعتين مُجتمعتان من الأساس في طبيعة واحدة.

انفصال البروتستانتية

لقد أطلق مارتن لوثر ثورة ضد الكنيسة الكاثوليكية، وذلك في القرن الـ16 في عام 1529 على وجه الخصوص، وسمَّاها بثورة الإصلاح، ومارتن لوثر هو راهب ألماني الجنسية وأستاذ لاهوت، كما أنه يُعد هو من بدأ ثورة الإصلاح في أوروبا بعد أن أظهر احتجاجه على ما كان يُسمَّى “صكوك الغفران”.
لقد كانت رسالة لوثر المُتعلقة بلاهوت التحرير تتألَّف من 95 نقطة، ويُعتبر لاهوت التحرير هو أحد فروع اللاهوت المسيحي الذي يتناول العفو عن الذنوب والخطايا، والتحرير يُقصد به “التبرئة من الخطيئة”.
وكان من ضمن أهم الأفكار التي تبنَّاها لوثر هو أن العفو عن الذنوب والخطايا هبة من الله يحصل عليها الشخص بعد أن يؤمن بيسوع السيد المسيح موجهًا له الإخلاص، وعليه لا يلزم الإنسان أن يفعل أي شيء يكفر به عن سيئاته، وثاني أهم أفكاره تتمثل في عدم قبول “السلطة التعليمية” في الكنيسة الكاثوليكية، والتي تجعل تفسير الكتاب المقدس بين يدي البابا، حيث كان لوثر يرى أن كل مسيحي يتمتع بالحق في تفسيره.
لم يكن لوثر من مؤيدي سلطة الكهنوت الخاص لأنه كان يعتبر أن جميع النَّصارى لهم نفس درجة الكهنوت المقدسة، وقام لوثر أيضًا بالسماح للقسيس بالزواج.
وكان مؤيدو لوثر يعرفون باسم المُحتجِّين Protest، والتي أدَّت لظهور كلمة بروتستانت، في حين أن الأرثوذكسية كلمة أصلها يوناني، ومعناها “الرأي الحق المُستقيم”، وظهرت في القرن الـ14، وأصل كلمة كاثوليكيَّة أيضًا يوناني، ومعناها “عالميًّا أو جامعة”، وكانت بدايو ظهور تلك التسمية في القرن الـ11، وعُرفت بذلك لأنها كانت تحتضن جميع كنائس الغرب.

التكوين والسلطة

إن شرعية المجامع المسكونية الثلاثة الأولى (نيقية، وقسطنطينية، وأفسس) هو فقط ما تعترف به الكنيسة الأرثوذكسية، وتتكون الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية من عدد من الكنائس المستقلة، ولكنها تتصل معها دائمًا، وهذه الكنيسة تتألَّف من الكنائس القبطية والإثيوبية والأرمنية والسريانية والإريترية، والكنيسة الإثيوبية هي الكنيسة الأكبر من بين الكنائس الأرثوذكسية المشرقية، وتحتل المركز الثاني في أكبر الكنائس المسيحيَّة الشرقية لتحتل الكنيسة الروسية الأرثوذكسية المرتبة الأولى كأكبر الكنائس المسيحيَّة الشرقية.
فالكنيسة الأولى التي تأتي على رأس تلك الكنائس هي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وكان لرجالها دور مهم للغاية في رسم السياسة التي تسير عليها عقيدة تلك الكنائس، وتأتي كنيسة الأقباط الأرثوذكس التي تُوجد في مصر، في مقدمة الكنائس القبطية الأكثر أهمية لترتبط بها الكنيسة البريطانية الأرثوذكسية والكنيسة الفرنسية الأرثوذكسية، ويُوجد رئاسة تخصُّ كل كنيسة، وهي إما البطريرك أو رئيس الأساقفة إلى جانب الأساقفة.
أما عن كُبرى الكنائس المسيحيَّة فهي الكنيسة الكاثوليكية أو الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، ويتولَّى رئاستها البابا أسقف روما، وهو يُعتبر خليفة بطرس تلميذ يسوع المسيح، ولها تسمية رسمية، وهي الكنيسة المقدسة الكاثوليكية الرسولية، وتتصل بها مجموعة كبيرة من الكنائس الشرقية، وتُعرف بالكنائس الكاثوليكية الشرقية، وعليه نستطيع أن نقول إن الكنيسة الكاثوليكية تتألف من الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في الفاتيكان إلى جانب 22 كنيسة أخرى مرتبطة بها، وهي الكنائس الكاثوليكية الشرقية.
وبمرور الزمن قامت الكنيسة الكاثوليكية بإنشاء منظومة لاهوتيَّة مُعقَّدة كما قامت بتأسيس بنية إدارية لها خاصة تحت حكم البابويَّة، وتُعتبر أقدم ملكية مُطلقة عالميًّا، ويترأسها في الوقت الحالي البابا فرنسيس.
إن الكنائس البروتستانتية عبارة عن عدد من الكنائس المستقلة، ويتم التنسيق بين تلك الكنائس من خلال أكثر من جهة للتنسيق، أما فيما يتعلق بسلطة تلك الكنائس، فهي وحدات منفصلة تقع تحت إشراف ورقابة من مختلف القسيسين على مستوى العالم، ويمكن اعتبار الكنيسة الأنجليكانية أحيانًا كنيسة مستقلة من البروتستانتية.

الإله والعذراء والقديسون

إن الكنيسة الأرثوذكسية تصدق على أن الطبيعة اللاهوتية والناسوتية للسيد المسيح هما طبيعتان اتَّحدتا في طبيعة واحدة، والتابعون لتلك الكنيسة يصدقون على كمال السيد المسيح في لاهوته وناسوته، وأن كليهما مُجتمعان دائمًا، وعليه لا يُوجد لهم حديث عن اتحاد الطبيعتين على عكس الكنيستين الكاثوليكية والبروتستانتية.
إن الثالوث المقدس مُعتقد تُؤمن به الكنائس الثلاث، ومعنى الثالوث في اللاهوت المسيحي أنه من المعتقدات الدينية التي تفيد بأن “الله الواحد مكون من ثلاثة أقانيم أو ثلاث حالات في نفس الجوهر المُتساوي”، وهي علاقة مُتكاملة بين الثالوث، حيث بعث الابن للعالم بالروح القدس وفقًا للمذكور في اللاهوت المسيحي، وباعتقاد البروتستانت والكاثوليك بخروج الروح المقدس من الأب والابن، يأتي هذا عكس ما تعتقده الكنيسة الأرثوذكسية، التي تعتقد بخروج الروح المقدس من الأب وجده.
إن الأسرار السَّبعة المُقدَّسة في الديانة المسيحيَّة هي مجموعة من الطقوس، والقصد من تلك الطقوس هو الفوز بهبة غير ظاهرة للآخرين، وهذا ما تفعله الروح المُقدَّسة، التي تهبُ العطايا للتلاميذ ورسل المسيح.
ونذكر مثالًا هنا وهو سر المعمودية، فالماء يُستخدم كمادة منظورة للمعمودية بغرض الفوز بهبة ليست منظورة هي “الميلاد الثاني”، وهذه الأسرار تتضمَّن سر المعمودية وزيت الميرون والقربان المقدس، وسر التوبة، وسر الزيجة، وسر الكهنوت.
إن الأسرار السبعة مقبولة من الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية بخلاف الكنائس البروتستانتية التي لا تعتقد بها، وإذا كانوا يملكون أحد الطقوس المُشابهة فلا يعرفونه على أنه سر.
فالزواج عند البروتستانت موجود، ولكنه رابط بين شخصين، وليس من الأسرار الكنسية، وعندهم معمودية يسمونها فريضة وليس سرًّا.
كما أن الكنيسة الكاثوليكية تعتقد بشفاعة السيدة العذراء مريم، وهم يعتبرنها أم الإله، وأنصار تلك الكنيسة يعتقدون في شفاعة القديسين لهم، ولا تختلف الكنيسة الأرثوذكسية عن الكاثوليكية في تلك المعتقدات، ولكنهم لا يمنحون القداسة بسهولة.
وعلى الجانب الآخر، الكنائس البروتستانتية لا تصدق بشفاعة السيدة العذراء، كما أنه تُوجد مجموعة من الطَّوائف لا تصدق بشكل كامل على عقيدة البتولية الدائمة للعذراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق