2015-01-06

سناء العاجي: فيلم "إيكسوديس" يفضح غباءنا



إيكسوديس... فيلم أمريكي بإنتاج ضخم، لكنه سينمائيا متوسط جدا، بل لعله أضعف أفلام المخرج ريدلي سكوت.

في المغرب، في سابقة من نوعها، وبعد منح التأشيرة لعرض الفيلم، توصل أصحاب القاعات السينمائية بقرار المنع. والسبب؟ الفيلم يجسد الله في شخص طفل صغير. شاهدت الفيلم، وليست هناك لقطة واحدة يُفهَم منها أن الطفل الصغير يجسد الله. بل أن الممثل الذي يجسد دور النبي موسى، يقول صارخا في الدقيقة الخامسة والتسعين: "لم أعد أحتمل إجبارية الحديث إلى رسول". أي أن الطفل الصغير لم يكن تجسيدا لله بل لوسيط بين الله والنبي موسى.
في مصر، برّر وزير الثقافة المنع بأنه بسبب تحريفٍ للحقائق التاريخية، حيث يظهر اليهود كأنهم بناة الأهرام.
وننسى طبعا أن فيلما سينمائيا لم ولن يكون وثيقة تاريخية أو دينية. هو في النهاية فيلم تخييلي... لا أقل ولا أكثر. 
في الولايات المتحدة الأمريكية، كان فيلم ريدلي سكوت موضوع نقاشات كثيرة جدا على منتديات الأنترنيت، لكن أيضا في الصحافة والتلفزيون. ناقشوا هناك مغالطات الفيلم التاريخية، وهي فعلا كثيرة، ناقشوا توجهه العنصري، ناقشوا بعض الحشو السينمائي غير الجميل فيه، ناقشوا بعض التصريحات المزعجة لمخرجه وأبطاله... كان كلُّ شيء عندهم مفتوحا للنقاش. وغدا، قد يرد مخرج آخر بفيلم آخر...
 وعندنا، نختار سلاح الضعفاء: المنع... علما أن المنع شبه مستحيل في عالم الأنترنيت. المواطنون اليوم يشاهدونه عبر الأنترنيت وعبر الأشرطة المقرصنة، بأعداد لعلها تتجاوز أعداد من كانوا سيتابعونه في القاعات السينمائية.     
هم يحترمون ذكاء المشاهد؛ ونحن نعتبره قاصرا، السلطات هي من تقرر ما يستطيع مشاهدتَه. بدل أن نسعى لتقوية معرفته التاريخية وقناعاته الدينية، بالمعرفة وبالنقاش الحر؛ نبادر بالمنع.
عندهم، لا يمنعون، لأنهم يؤمنون بالحرية، ثم يناقشون كل شيء... وعندنا، نمنع كل شيء لكي نتفادى النقاش أصلا...
 
سناء العاجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق