ياسر بركات
اسمه المستشار محفوظ عبدالعال. من أوائل الذين عملوا في أول سفارة مصرية بإسرائيل باختيار مباشر من الرئيس السادات الذي كانت تربطه به علاقة قديمة من فترة الستينات.!!
كان أول ما طلبه منه السادات أن يحميه من أي أعمال سحرية وأن يتعمد إظهار براعته التي يعرفها عنه أمام الاسرائيليين حتي يتراجعوا عن أي أفكار لإيذاء السادات بعيدا عن السياسة والحروب!!
من هو؟
وماهي حكايته مع إبطال السحر والتي يعرفها عنه السادات منذ زمن؟
دعونا نتعرف علي الرجل عن قرب ونفتح ملف الأسرار فترة تعيينه قائما بأعمال السفير المصري قبل تعيين أول سفير لمصر في اسرائيل!!
البداية في شبرا
كان طفلا مميزا بين أشقائه الستة.. إذا ضربه أبوه لا يتألم، إذا اصطدم بشيء ما لا يقع ولا يتعثر.. لا يخاف من الظلام رغم صغر سنه ونحافة جسده، لكنه رغم هذا لم يجتهد أحد من أهله لبحث هذه الظاهرة أكثر من قولهم انه طفل مبروك!. وحتي أصبح محفوظ طالبا بالثانوية العامة، وكان وقتها يسكن بأحد شوارع شبرا حيث كانت البيوت متقاربة ومتواجهة، وكان محفوظ يذاكر في "بلكونة" شقته مع غروب الشمس وفوجئ ذات يوم وبمجرد دخوله "البلكونة" بجاره في "البلكونة" المواجهة ينظر إليه في تحد واضح. كانت نظراته تحمل تهديدا ورغبة في الانتقام دون أي مبرر. حاول محفوظ أن يتفادي نظرات الجار ويركز في كتبه لكن ما أن يختلس نظره نحو جاره حتي يتأكد من أنه يقصده هو.. ارتبك محفوظ وراح يفكر في عداء جاره المفاجئ وغير المبرر.
وفي النهاية لم يجد محفوظ إلا تفسيرا واحدا يتعلق بزوجة جاره الحسناء التي كانت تهوي الخروج إلي البلكونة بقمصان النوم العارية وربما ظن زوجها أن محفوظ يغازلها. ويجلس لها خصيصا في بلكونة شقته واستقر في ذهن محفوظ أن هذا هو السبب المؤكد لأن جاره استأجر شقته حديثا دون أن يعرف أن محفوظ اتخذ من "البلكونة" مكانا مفضلا للمذاكرة منذ المرحلة الإعدادية.
المهم أن الدماء غلت في عروق محفوظ، وحتي لا يظن جاره مفتول العضلات أنه أخافه، التفت إليه محفوظ ونظر إليه بنفس الطريقة رغم الفارق الشاسع بين بنيان جسده وقوة جسد الجار! وكانت المفاجأة التي لفتت نظر محفوظ سقوط الجار مغشيا عليه. وصرخت زوجة الجار وأسرع إليها الجيران. وحملوا الزوج إلي السرير بعد أن اكتشفوا أنه صار عاجزا عن الحركة.
لم يربط محفوظ بين نظراته للجار وما حدث له في الحال.. بل لم يربط الجار نفسه بين سقوطه ونظرات محفوظ.. ظن الجميع أن الرجل أصيب بعارض ما.
انهمك محفوظ في المذاكرة ولم ينشغل بالأمر طويلا.. ومع مرور الوقت كان يسمع الحوارات الدائرة بين أمه وزوجة الجار التي تؤكد يوما بعد يوم تدهور حالة زوجها وكأنه قد أصيب بشلل تمكن منه!
بعد أكثر من شهرين زارت زوجة الجار بيت محفوظ الذي كان منهمكا في المذاكرة لقرب الامتحانات.. وظلت الجارة الحسناء تحكي بدموعها عن يأس الأطباء من حالة زوجها وأم محفوظ تنصحها بألا تفقد إيمانها بالله وثقتها في رحمته.
وفجأة سمع محفوظ هاتفا يلح عليه أن يخبر الجارة بأن تذهب في الحال إلي شقتها وتدعو زوجها لمحاولة الوقوف!!
تردد الشاب نحيل الجسد وشرد ذهنه وظل الهاتف يحثه علي إبلاغ الجارة بالكلمات التي التصقت بأذنيه وتأبي عنها الرحيلا!
تشجع محفوظ وأغلق كتابه وأبلغ السيدة الحسناء بما سمعه وحده من كلمات في صيغة أقرب إلي الأمر!.. ضحكت السيدة وضحكت أم محفوظ الذي أصر علي أن تسمع الجارة وتنفذ رسالته إليها ولو من باب التجربة!.. اتسعت عينا الجارة وهمست بصوت مسموع: "يسمع منك ربنا يا محفوظ" وانصرفت بالفعل إلي شقتها، بينما أم محفوظ تلومه علي هذا التدخل غير المناسب في الحديث بين الكبار!
لم تمض دقائق حتي انطلقت الزغاريد من شقة الجارة الحسناء.. وتسابق الجيران إليها لمعرفة سبب الفرحة هذه المرة، فإذا بالجارة تخبرهم بأن "ربنا أراد" وهي تشير إلي زوجها الذي يتحرك في الشقة وتتساقط من عينيه دموع الفرحة!.
انتشرت حكاية محفوظ بسرعة البرق بين أهالي الحي في شبرا ونال طالب الثانوية العامة شهرة مدوية بين جيرانه رغم أن جاره ما إن شعر بالشفاء حتي غادر الحي واستأجر شقة في أطراف القاهرة ربما هربا من محفوظ أو غيرة علي زوجته!!
كانت هذه أول مرة يكتشف فيها محفوظ أن لديه قدرات خاصة لم يكن يعلمها عن نفسه.. بدأ أهله يراجعون حياة ابنهم منذ طفولته ويربطون بين غريب تصرفاته في طفولته وصباه وحتي حكاية جارهم الأخيرة وبين شيء ما يتميز به ابنهم دون أن يخطر لهم علي بال.
محفوظ نفسه بدأ يسترجع حدثا غريبا كان يقع له في تلك الليالي التي كان يصلي فيها العشاء فيجد نفسه يطيل في أول ركعتين حتي إنه يقرأ القرآن كله، فإذا بصلاة العشاء تمتد به إلي قرب الفجر، في تلك الليالي كان يجلس منشغلا بالتسبيح فإذا بظلام الغرفة يتبدد ويتلاشي ليظهر ضوء ساطع كان محفوظ يظن أنه من تداعيات اللحظات الإيمانية حتي يمر الوقت ويمتزج هذا الضوء بنور الفجر.
هذه هي بداية الدبلوماسي محفوظ!
عرفتها عنها بالصدفة وكان يصر علي أن أعاهده علي عدم نشرها، فليست لديه أهداف سوف يحققها أو يتمناها من النشر، فقد التقيت بالرجل عن طريق الصدفة البحتة، وحينما علم بأنني صحفي في أخبار اليوم اقترح أن يقدم لي مجموعة مقالات عن المجتمع الإسرائيلي وأسراره وأعرضها علي رئيس تحرير أخبار اليوم لإجازة نشرها إن كانت صالحة لذلك!
هكذا كانت البداية.. لكن الصدفة ـ أيضا ـ جعلت صديقا مشتركا يزورني في اللقاء الثاني مع المستشار محفوظ، فإذا بالصديق المشترك يلح عليه ويرجوه في عبارات أقرب إلي التوسل والرجاء أن يحدد موعدا لزيارة أبيه المريض وعلاجه!.. أدهشتني كلمة "علاجه" توقفت عندها كثيرا، وحاول المستشار محفوظ أن يهرب منها ويوصي الصديق المشترك بنفس الفكرة لكنني نجحت في استفزاز الاثنين فانكشفت أمامي حكاية الدبلوماسي السابق بكل أسرارها، فإذا به يطلب مني أن أعاهده علي كتمان السر علي أن يساعدني في علاج أي حالة عجز الطب عن علاجها، وعلي أن يظل هذا سرا بيني وبينه، ولا أدعوه إلا في الحالات الحرجة جدا والخاصة بالمقربين جدا مني!!.. لكنني سرعان ما بدأت أخدم الناس بموهبة المستشار وقدراته الخاصة حتي اعتاد هو الآخر علي إزعاجي له.
عموما.. المستشار محفوظ يبدأ مع الحالة المرضية لأي إنسان بشرط ألا نخبر المريض بشيء حتي يحدد هو بعد لحظات من النظر إليه، إن كان سيمكنه مباشرة الحالة أم لا.. فإذا أعلن الموافقة اقترب من المريض وألقي عليه بعض الأسئلة الخاصة.. وبعدها يشير بإصبعه "السبابة" إلي مكان الألم ويقرأ الفاتحة همسا، فيشعر المريض بدفء سريع في مكان الألم قد يتحول إلي سخونة واضحة وحركات داخلية لا يعرف المريض مصدرها، كل هذا دون أن يلمس اصبع المستشار محفوظ مكان الداء أو الألم.
حكايته مع السادات
سألته ذات يوم:
علمت من كبار الصحفيين عن علاقتك بالرئيس السادات فكيف بدأت؟!
كنت مترجما للعبرية في الجيش المصري فترة الستينات وذات ليلة صلي معي زملائي أكثر من ثلاث ساعات ليلا وبعدها قمنا بترديد التسابيح في مكاننا المظلم حتي شاهدوا جميعا نفس الضوء الذي شاهدته، فراح بعضهم يردد الحكاية حتي وصلت إلي علم السادات فحرص علي لقائي وحضر معنا عدة جلسات ثم أخبرني بأنه أبلغ الرئيس عبدالناصر بالحكاية وراح يضحك ويخفف عني حينما أسقط في يدي فور سماعي لاسم عبدالناصر خوفا من أن يبطش بي إلا أن السادات طمأنني!..
وبعد أن استقر بي العمل في الهيئة العامة للاستعلامات كان السادات قد انشغل عني حتي تولي رئاسة الجمهورية، وقام بزيارة القدس وعاد إلي مصر، فتذكرني فجأة.. واستدعاني.. وحكي لي عن كبير الحاخامات في إسرائيل وكيف أصاب السادات بالانبهار حينما قدمه له مناحم بيجن فإذا بالحاخام يسأل السادات لماذا يفكر في شارع باسل بالذات ليكون مقرا لأول سفارة مصرية في تل أبيب.. وأصيب السادات بالحيرة فلم يكن قد صرح بهذا المكان لأحد وإنما كانت فكرة لم تتجاوز عقل السادات لأي مخلوق آخر!!.. واقترح علي السادات أن يستعين بي وقتما يشاء!..ولم أفهم وقتها ما يخطط له الرئيس!
وفوجئت بالرئيس السادات يخبرني في نفس اللقاء بتعييني في أول سفارة لمصر بإسرائيل..وقبل تعيين السفير! وفي تل أبيب التقيت بالحاخام الكبير وتعمدت أن أبهره حينما بدأت حديثي معه بسؤالي لماذا نقل غرفة نومه بالأمس إلي حجرة اخري!! وما أخبار مرض زوجته!! ولم يكن حتي أقرب المقربين منه يعرفون شيئا عن مرض زوجته حتي قال لي صراحة: "أنت تستحق أن أرفع لك القبعة مستر محفوظ". وكان السادات في قمة سعادته وهو يراني متفوقا علي الحاخام في عالم القوي الخفية! وفهمت أخيرا أن السادات كان يريدني أن أرافقه حينما يزور إسرائيل خوفا من أن يدبروا له شيئا خفيا عن طريق الحاخامات.. هكذا بدأت علاقتي بالسادات ثم كانت بيننا أشياء أخري ليس مكانها هنا الآن! المهم أن السادات طلب مني أن استعرض ماوهبه الله لي أمامهم باستمرار وطوال فترة عملي هناك والتي استمرت كمستشار صحفي للسفارة!
هل هناك شروط معينة في المريض الذي تعالجه؟
أنا أبدأ معه من حيث يفشل الطب أو لا يجدي العلاج.. ولابد من مشيئة الله أولا.. السر يكمن في الفاتحة ولا أعرف أكثر من
اسمه المستشار محفوظ عبدالعال. من أوائل الذين عملوا في أول سفارة مصرية بإسرائيل باختيار مباشر من الرئيس السادات الذي كانت تربطه به علاقة قديمة من فترة الستينات.!!
كان أول ما طلبه منه السادات أن يحميه من أي أعمال سحرية وأن يتعمد إظهار براعته التي يعرفها عنه أمام الاسرائيليين حتي يتراجعوا عن أي أفكار لإيذاء السادات بعيدا عن السياسة والحروب!!
من هو؟
وماهي حكايته مع إبطال السحر والتي يعرفها عنه السادات منذ زمن؟
دعونا نتعرف علي الرجل عن قرب ونفتح ملف الأسرار فترة تعيينه قائما بأعمال السفير المصري قبل تعيين أول سفير لمصر في اسرائيل!!
البداية في شبرا
كان طفلا مميزا بين أشقائه الستة.. إذا ضربه أبوه لا يتألم، إذا اصطدم بشيء ما لا يقع ولا يتعثر.. لا يخاف من الظلام رغم صغر سنه ونحافة جسده، لكنه رغم هذا لم يجتهد أحد من أهله لبحث هذه الظاهرة أكثر من قولهم انه طفل مبروك!. وحتي أصبح محفوظ طالبا بالثانوية العامة، وكان وقتها يسكن بأحد شوارع شبرا حيث كانت البيوت متقاربة ومتواجهة، وكان محفوظ يذاكر في "بلكونة" شقته مع غروب الشمس وفوجئ ذات يوم وبمجرد دخوله "البلكونة" بجاره في "البلكونة" المواجهة ينظر إليه في تحد واضح. كانت نظراته تحمل تهديدا ورغبة في الانتقام دون أي مبرر. حاول محفوظ أن يتفادي نظرات الجار ويركز في كتبه لكن ما أن يختلس نظره نحو جاره حتي يتأكد من أنه يقصده هو.. ارتبك محفوظ وراح يفكر في عداء جاره المفاجئ وغير المبرر.
وفي النهاية لم يجد محفوظ إلا تفسيرا واحدا يتعلق بزوجة جاره الحسناء التي كانت تهوي الخروج إلي البلكونة بقمصان النوم العارية وربما ظن زوجها أن محفوظ يغازلها. ويجلس لها خصيصا في بلكونة شقته واستقر في ذهن محفوظ أن هذا هو السبب المؤكد لأن جاره استأجر شقته حديثا دون أن يعرف أن محفوظ اتخذ من "البلكونة" مكانا مفضلا للمذاكرة منذ المرحلة الإعدادية.
المهم أن الدماء غلت في عروق محفوظ، وحتي لا يظن جاره مفتول العضلات أنه أخافه، التفت إليه محفوظ ونظر إليه بنفس الطريقة رغم الفارق الشاسع بين بنيان جسده وقوة جسد الجار! وكانت المفاجأة التي لفتت نظر محفوظ سقوط الجار مغشيا عليه. وصرخت زوجة الجار وأسرع إليها الجيران. وحملوا الزوج إلي السرير بعد أن اكتشفوا أنه صار عاجزا عن الحركة.
لم يربط محفوظ بين نظراته للجار وما حدث له في الحال.. بل لم يربط الجار نفسه بين سقوطه ونظرات محفوظ.. ظن الجميع أن الرجل أصيب بعارض ما.
انهمك محفوظ في المذاكرة ولم ينشغل بالأمر طويلا.. ومع مرور الوقت كان يسمع الحوارات الدائرة بين أمه وزوجة الجار التي تؤكد يوما بعد يوم تدهور حالة زوجها وكأنه قد أصيب بشلل تمكن منه!
بعد أكثر من شهرين زارت زوجة الجار بيت محفوظ الذي كان منهمكا في المذاكرة لقرب الامتحانات.. وظلت الجارة الحسناء تحكي بدموعها عن يأس الأطباء من حالة زوجها وأم محفوظ تنصحها بألا تفقد إيمانها بالله وثقتها في رحمته.
وفجأة سمع محفوظ هاتفا يلح عليه أن يخبر الجارة بأن تذهب في الحال إلي شقتها وتدعو زوجها لمحاولة الوقوف!!
تردد الشاب نحيل الجسد وشرد ذهنه وظل الهاتف يحثه علي إبلاغ الجارة بالكلمات التي التصقت بأذنيه وتأبي عنها الرحيلا!
تشجع محفوظ وأغلق كتابه وأبلغ السيدة الحسناء بما سمعه وحده من كلمات في صيغة أقرب إلي الأمر!.. ضحكت السيدة وضحكت أم محفوظ الذي أصر علي أن تسمع الجارة وتنفذ رسالته إليها ولو من باب التجربة!.. اتسعت عينا الجارة وهمست بصوت مسموع: "يسمع منك ربنا يا محفوظ" وانصرفت بالفعل إلي شقتها، بينما أم محفوظ تلومه علي هذا التدخل غير المناسب في الحديث بين الكبار!
لم تمض دقائق حتي انطلقت الزغاريد من شقة الجارة الحسناء.. وتسابق الجيران إليها لمعرفة سبب الفرحة هذه المرة، فإذا بالجارة تخبرهم بأن "ربنا أراد" وهي تشير إلي زوجها الذي يتحرك في الشقة وتتساقط من عينيه دموع الفرحة!.
انتشرت حكاية محفوظ بسرعة البرق بين أهالي الحي في شبرا ونال طالب الثانوية العامة شهرة مدوية بين جيرانه رغم أن جاره ما إن شعر بالشفاء حتي غادر الحي واستأجر شقة في أطراف القاهرة ربما هربا من محفوظ أو غيرة علي زوجته!!
كانت هذه أول مرة يكتشف فيها محفوظ أن لديه قدرات خاصة لم يكن يعلمها عن نفسه.. بدأ أهله يراجعون حياة ابنهم منذ طفولته ويربطون بين غريب تصرفاته في طفولته وصباه وحتي حكاية جارهم الأخيرة وبين شيء ما يتميز به ابنهم دون أن يخطر لهم علي بال.
محفوظ نفسه بدأ يسترجع حدثا غريبا كان يقع له في تلك الليالي التي كان يصلي فيها العشاء فيجد نفسه يطيل في أول ركعتين حتي إنه يقرأ القرآن كله، فإذا بصلاة العشاء تمتد به إلي قرب الفجر، في تلك الليالي كان يجلس منشغلا بالتسبيح فإذا بظلام الغرفة يتبدد ويتلاشي ليظهر ضوء ساطع كان محفوظ يظن أنه من تداعيات اللحظات الإيمانية حتي يمر الوقت ويمتزج هذا الضوء بنور الفجر.
هذه هي بداية الدبلوماسي محفوظ!
عرفتها عنها بالصدفة وكان يصر علي أن أعاهده علي عدم نشرها، فليست لديه أهداف سوف يحققها أو يتمناها من النشر، فقد التقيت بالرجل عن طريق الصدفة البحتة، وحينما علم بأنني صحفي في أخبار اليوم اقترح أن يقدم لي مجموعة مقالات عن المجتمع الإسرائيلي وأسراره وأعرضها علي رئيس تحرير أخبار اليوم لإجازة نشرها إن كانت صالحة لذلك!
هكذا كانت البداية.. لكن الصدفة ـ أيضا ـ جعلت صديقا مشتركا يزورني في اللقاء الثاني مع المستشار محفوظ، فإذا بالصديق المشترك يلح عليه ويرجوه في عبارات أقرب إلي التوسل والرجاء أن يحدد موعدا لزيارة أبيه المريض وعلاجه!.. أدهشتني كلمة "علاجه" توقفت عندها كثيرا، وحاول المستشار محفوظ أن يهرب منها ويوصي الصديق المشترك بنفس الفكرة لكنني نجحت في استفزاز الاثنين فانكشفت أمامي حكاية الدبلوماسي السابق بكل أسرارها، فإذا به يطلب مني أن أعاهده علي كتمان السر علي أن يساعدني في علاج أي حالة عجز الطب عن علاجها، وعلي أن يظل هذا سرا بيني وبينه، ولا أدعوه إلا في الحالات الحرجة جدا والخاصة بالمقربين جدا مني!!.. لكنني سرعان ما بدأت أخدم الناس بموهبة المستشار وقدراته الخاصة حتي اعتاد هو الآخر علي إزعاجي له.
عموما.. المستشار محفوظ يبدأ مع الحالة المرضية لأي إنسان بشرط ألا نخبر المريض بشيء حتي يحدد هو بعد لحظات من النظر إليه، إن كان سيمكنه مباشرة الحالة أم لا.. فإذا أعلن الموافقة اقترب من المريض وألقي عليه بعض الأسئلة الخاصة.. وبعدها يشير بإصبعه "السبابة" إلي مكان الألم ويقرأ الفاتحة همسا، فيشعر المريض بدفء سريع في مكان الألم قد يتحول إلي سخونة واضحة وحركات داخلية لا يعرف المريض مصدرها، كل هذا دون أن يلمس اصبع المستشار محفوظ مكان الداء أو الألم.
حكايته مع السادات
سألته ذات يوم:
علمت من كبار الصحفيين عن علاقتك بالرئيس السادات فكيف بدأت؟!
كنت مترجما للعبرية في الجيش المصري فترة الستينات وذات ليلة صلي معي زملائي أكثر من ثلاث ساعات ليلا وبعدها قمنا بترديد التسابيح في مكاننا المظلم حتي شاهدوا جميعا نفس الضوء الذي شاهدته، فراح بعضهم يردد الحكاية حتي وصلت إلي علم السادات فحرص علي لقائي وحضر معنا عدة جلسات ثم أخبرني بأنه أبلغ الرئيس عبدالناصر بالحكاية وراح يضحك ويخفف عني حينما أسقط في يدي فور سماعي لاسم عبدالناصر خوفا من أن يبطش بي إلا أن السادات طمأنني!..
وبعد أن استقر بي العمل في الهيئة العامة للاستعلامات كان السادات قد انشغل عني حتي تولي رئاسة الجمهورية، وقام بزيارة القدس وعاد إلي مصر، فتذكرني فجأة.. واستدعاني.. وحكي لي عن كبير الحاخامات في إسرائيل وكيف أصاب السادات بالانبهار حينما قدمه له مناحم بيجن فإذا بالحاخام يسأل السادات لماذا يفكر في شارع باسل بالذات ليكون مقرا لأول سفارة مصرية في تل أبيب.. وأصيب السادات بالحيرة فلم يكن قد صرح بهذا المكان لأحد وإنما كانت فكرة لم تتجاوز عقل السادات لأي مخلوق آخر!!.. واقترح علي السادات أن يستعين بي وقتما يشاء!..ولم أفهم وقتها ما يخطط له الرئيس!
وفوجئت بالرئيس السادات يخبرني في نفس اللقاء بتعييني في أول سفارة لمصر بإسرائيل..وقبل تعيين السفير! وفي تل أبيب التقيت بالحاخام الكبير وتعمدت أن أبهره حينما بدأت حديثي معه بسؤالي لماذا نقل غرفة نومه بالأمس إلي حجرة اخري!! وما أخبار مرض زوجته!! ولم يكن حتي أقرب المقربين منه يعرفون شيئا عن مرض زوجته حتي قال لي صراحة: "أنت تستحق أن أرفع لك القبعة مستر محفوظ". وكان السادات في قمة سعادته وهو يراني متفوقا علي الحاخام في عالم القوي الخفية! وفهمت أخيرا أن السادات كان يريدني أن أرافقه حينما يزور إسرائيل خوفا من أن يدبروا له شيئا خفيا عن طريق الحاخامات.. هكذا بدأت علاقتي بالسادات ثم كانت بيننا أشياء أخري ليس مكانها هنا الآن! المهم أن السادات طلب مني أن استعرض ماوهبه الله لي أمامهم باستمرار وطوال فترة عملي هناك والتي استمرت كمستشار صحفي للسفارة!
هل هناك شروط معينة في المريض الذي تعالجه؟
أنا أبدأ معه من حيث يفشل الطب أو لا يجدي العلاج.. ولابد من مشيئة الله أولا.. السر يكمن في الفاتحة ولا أعرف أكثر من
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق