أول إضراب معروف حتى الآن في التاريخ كان قبل 3 آلاف عام في عهد رمسيس الثالث آخر ملوك مصر العظام في آواخر الدولة الحديثة، وقام به العمال القائمين على بناء مقبرة الملك (بناءون ونحاتون ونجارون ونقاشون وقاطعوا الأحجار إلخ) بعد أن تأخر وزير الملك لمدة شهرين عن دفع المرتبات التي كانت وقتها عبارة عن حصص من الزيت والسمك والخضروات... والملابس والحطب وشراب الجعة (شراب من الشعير المخمر به مضادات حيوية).
وبحسب ما ورد في البردية التي تم العثور عليها في "دير المدينة" احتج العمال على تأخر الرواتب فرفعوا شكواهم إلى رؤسائهم المباشرين أولا (المشرفين ورئيسين اثنين كان يرأسان العمل) وقالوا لهم "إنكم رؤساؤنا، وأنتم مفتشو هذه الجبانة، ليس لدينا ملابس ولا زيت ولا سمك ولا خضر، أرسلوا للفرعون سيدنا العظيم بخصوص هذه الأشياء، وأرسلوا للوزير رئيسنا حتى يمدنا بما نعيش به".
فتلكأ المشرفون والرؤساء خوفًا على فقدان وظائفهم، فزاد حنق العمال مع زحف الجوع إليهم فنظموا مظاهرة صامتة إلى بيت الوزير، وهددوا بأن يذهبوا إلى الملك نفسه، وعندما لم يستجاب لهم أضربوا وتوقفوا عن العمل في المقبرة تمامًا.
وعلى إثر هذا قام الوزير بصرف جزء من المرتبات لهم، غير أن هذا لم يكفهم ولم يقنعهم؛ فعادوا إلى الإضراب مطالبين بتمام مرتباتهم، ولجأوا لوسيلة جديدة في الاحتجاج والاعتصام وهي حمل المشاعل ليلا للفت النظر لهم أكثر وأكثر؛ فاستجاب لهم الوزير وصرفوا بعد ذلك كامل مرتباتهم بانتظام واحتفلوا بهذا الإنجاز وقدموا القرابين في المعابد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق