عَظَمَةُ بورسعيد، هى عَظَمَةُ أهل بورسعيد، لأن الأماكن تستمد عَظَمَتَهَا من أهلها، فاعلم – هداك الله – أننا حين نشيد بعَظَمَةِ مكان ما فإنما نحن نشيد بعَظَمَةِ أهله، ولهذا يقال عَظَمَةُ ميدان التحرير، وعَظَمَةُ القائد إبراهيم، وحين نشكو خسة مكان ما، فإنما نشكو خسة أهله، ولهذا يقال العكس حين نتحدث عن ميادين أخرى، بسبب الخزى الذى ألقاه الله على الواقفين فيها بأمر الظلمة (لا المقيمين)، بسبب وقوفهم مع الظلم ضد العدل، ومع القاتل ضد القتيل.
وأما عن عظمة بورسعيد فلأنها قاومت وقاومت وقاومت، ولأنها لم تمنَّ على أحد بمقاومتها، فقد خلق الله بورسعيد فى الصفوف الأولى، فأول القنابل تسقط على مبانيها، وأول الساقطين من مظلات العدو يهبط فى شوارعها، فقاومت القنابل بعزيمة الأبطال، وقاومت سلاح المظلات بالسكاكين والعصى والأظافر والأسنان، فكان لها النصر، ولكنه احتُسب نصرا لمصر كلها، ولم تقل بورسعيد يومها إن النصر يخصها وحدها، لأنها لم تقبل أن تكون مثل الرئيس المخلوع الذى نسب نصر أكتوبر لنفسه، بتحويل الحرب التى خاضها شعب كامل إلى ضربة جوية مزعومة.
لقد قاوم أهل بورسعيد نظام المخلوع أيضا، وكانت محافظة من المحافظات القليلة (المغضوب عليها)، ولكنها بعد انقضاء عهد المخلوع لم تمنَّ على الأمة المصرية بما فعلته، وهذا من عَظَمَةِ بورسعيد.
أما اليوم، فتحاول بعض العقول المريضة أن تلصق جريمة استاد بورسعيد بأهل بورسعيد، وبهذا يضرب من خطط لهذا العمل القذر عدة عصافير بحجر واحد، فهو يقتل ويرهب الثوار، وفى الوقت نفسه يلقى بذرة حرب أهلية، أو كره مستعر بين المحافظات، أى بين أبناء الأم الواحدة، لكى يسهل لنفسه الاستيلاء على ميراث هؤلاء الأبناء من الوالد الراحل.
ليس عيباً أن يفعل القاتل ذلك، فهو بطبيعته خسيس، (والعيب من أهل العيب مش عيب)، ولكن العيب أن ينساق الناس خلف هذا المخطط، فنجد بعض المصريين يهاجمون سيارات أهل بورسعيد، أو يتحدثون عنهم بشكل يشكك فى وطنيتهم، أو يقرر النادى الأهلى مقاطعة الأنشطة الرياضية فى مدينة بورسعيد لعدة سنوات، أو أن تعيش بورسعيد فى حصار بسبب تهمة زور من نظام ما زال قلبه معلقا ببورتو طرة.
إن المصريين مدينون لأهل بورسعيد مرتين، المرة الأولى لأن بورسعيد كانت سبّاقة فى المقاومة فى كل العصور، والمرة الثانية لأن مجرد تصديق بعض المصريين أن أهل بورسعيد هم من قام بهذه المذبحة أمر يستحق الاعتذار.
هذه مجزرة مخابراتية سياسية، ولا علاقة للكرة بالأمر سوى أنها اتخذت ذريعة.
إن الاعتذار لبورسعيد يعنى أن نذهب لبورسعيد، ونقضى يوماً فيها، حاملين بعض اللافتات التى تظهر أننا لا نصدق أنهم مجرمون، أو أى شكل من أشكال إظهار الاعتذار، مثل مؤتمر جماهيرى يحضره رموز مصر من كل التيارات.
يا أهل بورسعيد: أنا أول المعتذرين، وسأزوركم قريباً حاملاً لافتتى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق