بداية كيف تري مستقبل الكنيسة بعد رحيل البابا شنودة الثالث؟
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة قوية تحكمها تقاليد ثابتة وعادات راسخة وأعتقد أنه سيتم انتقال السلطة بيسر لأن الآليات معروفة والنيات طيبة ولا توجد صراعات كما يقول البعض وخلال أيام قليلة ستستقر الأوضاع وتعوي إلي ما كانت عليه.
لكن البعض يري أن الكنيسة لا يوجد فيها من يخلف البابا الأمر الذي من شأنه أن يفجر الأوضاع بين المسلمين والمسيحيين.. ما تعليقك؟
مما لاشك فيه أن البابا شنودة الثالث كان جوهرة لن يجود الزمان بمثلها، ولكن فيما يتعلق بتسامحه الكبير وحرصه علي الوحدة الوطنية لم يكن هو الأول بل سار بانتظام علي درب الـ 116 الذين سبقوه وإذا قرأنا تاريخ البطاركة المصريين سنري أن الثابت في تاريخهم والقاسم المشترك بينهم هو حرصهم علي الوحدة الوطنية وتماسك أبناء الوطن الواحد والتلاحم بين عنصرية مما أثار غضب الإنجليز عليهم فقالوا إنهم لم يروا أسخف من الأقباط في مصر فهم يحبون المسلمين أكثر مما يحبوننا ولهذا السبب فقد الإنجليز الأمل في التعاون مع أقباط مصر مما جعلهم يجتذبون الإرساليات الأجنبية للتبشير بالمذاهب الأخري لعلهم يكسرون شوكة الأقباط وبهذه المناسبة أود أن أقول إن هيئة قصور الثقافة أصدرت موسوعة عن تاريخ البطاركة الأقباط في مصر ستري النور قريباً.
تردد بعد وفاة البابا شنودة أن الكنيسة الإثيوبية سترشح أحد بطريركيها لعرش مارمرقس الرسول ما حقيقة ذلك؟
هذا الكلام غير حقيقي والذين يرددونه هم من الفضائيات بغرض الشو الإعلامي بغير علم لأن كنيسة إثيوبيا عبارة عن إيبراشية من إيبراشيات الكرازة المرقسية شأنها شأن إيبراشية الجيزة أو غيرها في مصر وكان البابا شنودة يقوم بمراسمة الأساقفة التابعين لها بمعرفته المباشرة وخلال جلوس البابا كيرلس السادس علي عرش البابوية توصل إلي اتفاق جديد مع إثيوبيا منحت به الأخيرة نوعا من الاستقلال الكنسي وانفصلت عن الكنيسة الأم في مصر وسمي البطريرك التابع لها «البطريرك الجاثوليك» أو البطريرك البعيد وبموجب ذلك أخذت الكنيسة لإثيوبية اختصاصات عديدة لكن بقيت رسامة البابا الجاثوليك تتم بمعرفة وتحت إشراف البابا شنودة وبعد انهيار الحكم الإمبراطوري في إثيوبيا حرص الشيوعيون الذين حكموها علي فسخ العلاقة تماماً بين البلدين ولم يكن من السهل فسخ علاقة عمرها أكثر من 2000 عام، وفي عهد البابا شنودة ابرمت اتفاقية أخري منحت بمقتضاها إثيوبيا شبه استقلال كامل عن الكنسية في مصر أما لائحة «57» فقد وضعت قبل هذا الاتفاق وعلي أثر ذلك لا يعقل أن يكون لهذه الإمبراطورية عدد أصوات يعادل عدد أصوات الإيبراشيات العادية، فكانت لها أصوات تزيد علي العدد المحدد في أي إيبراشية منها ما يعين من قبل الإمبراطور وهم الأمراء ورجال البلاط الكنسي، والجزء الآخر يتم ترشيحه من قبل الأشخاص العاديين نتيجة هذه الأحداث منحت إثيوبيا امتيازات خاصة، وهذا ما نأمل أن نعدله وننقحه في اللائحة لكن طالما أن ذلك لم يتم فإن هذه النصوص تلغي بصورة كلية وتهمل.
وماذا عن الأسماء التي تطرح نفسها لخلافة البابا شنودة وأيهم الأقرب لكرسي البابوية؟
لم يظهر علي الساحة أحد حتي الآن والحديث عن خليفة البابا شنودة في هذا التوقيت اعتبره نوعا من القمار لأننا لا نعرف من سيترشح للمنصب من رهبان الأديرة خاصة أن هناك أكثر من 6000 آلاف راهب واللائحة تقضي بأن الثلاثة الحائزين علي أكبر عدد من الأصوات تجري بينهم قرعة هيكلية والبابا شنودة كان ترتيبه الثاني وكان يسبقه الأنبا صمويل الذي قتل مع السادات يوم 6 أكتوبر وبصفة عامة أتمني أن يذهب كرسي البابوية للأصلح من بين المرشحين ونصحيتي له أن يكون مثل أسلافه الذين سبقوه وطنيا مخلصاً لمصر وجامعاً لحكمة شنودة ومتبعا لبساطته وتسامحه غير المحدود.
البابا لم يكن صاحب دور ديني فقط لكنه كان سياسياً من الدرجة الأولي فبعد رحيله كيف تري مستقبل الأقباط السياسي؟
مشاركة الأقباط في السياسة بشكل فاعل ولافت للانتباه تحسنت في نهاية عهد البابا شنودة نظراً لحثه المستمر علي ضرورة مشاركة أبناء المسيح في عملية الحراك السياسي واطلاعهم عن قرب علي جميع الملفات السياسية التي تطرأ علي الساحة من وقت لآخر وفي العموم فإن المسألة برمتها ستتوقف علي ما يسفر عنه الدستور الجديد ومدي امكانية احتوائه علي نصوص تشجع المشاركة السياسية الفعالة للأقباط أم سيكون دستورا يشجع انتظار ثورة جديدة.
وماذا عن مشاركة الأقباط في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور؟
كان الشائع والمفهوم أنه سيكون هناك كوتة للأزهر وأخري للأقباط الأرثوذكس ومثلها للإنجيلية والكاثوليك لكن ما وصل إلي فهمي وما انتهي إليه مجلس الشعب من مناقشات حول هذه اللجنة أن من يرغب في المشاركة يبعث بعدد من الأسماء للاختيار فيما بينهم وهذه طريقة خاطئة شكلاً وموضوعاً ويجب تعديلها والعدول عنها فوراً علما بأن الكاثوليك 200 ألف والأرثوذكس 15 مليونا، ولهذا ألوم لوماً شديداً كل من شارك في صنع التعديلات الدستورية الأخيرة وضلل الشباب المصري لأنها كانت خاطئة وسيئة الصياغة، ولن يسامح التاريخ كل من شارك فيها عن عمد أو جهل خاصة أن الفوضي التي صاحبت الحالة العامة منذ مارس 2011 وحتي الآن سببها الأول والأخير الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها لجنة التعديلات الدستورية.
وكيف كان يقيم شنودة أداء المجلس العسكري منذ تنحي مبارك وحتي وفاته..وانعكاس هذا علي وضع الأقباط؟
البابا شنودة كان يري أن المجلس العسكري يعيش مرحلة «طفولة سياسية» وليست لديه خبرة كافية بالسياسة تؤهله لإدارة البلاد بالشكل المطلوب لدي جميع التيارات والكيانات السياسية وكذلك لدي القاعدة العريضة من الشعب المصري بالإضافة إلي ذلك فقد قال البابا ذات مرة إنهم -وكان يقصد أعضاء المجلس العسكري- لم يجدوا بجوارهم مستشاراً حكيماً متجرداً من أهوائه ولكن الذين وقفوا بجوارهم لم يتجردوا من أغراضهم الدنيئة ومطامعهم الخاصة مما أدي إلي التحفظ في الرأي وعدم العدول عن الأخطاء والتي ارتكبت في الأيام الماضية رغم اعترافهم بها، أما بالنسبة لانعكاس هذا الأداء علي وضع الأقباط في مصر فيشهد القاصي والداني أن البابا شنودة قال إن المجلس العسكري عامل الأقباط معاملة بالمثل ولم يبخسهم حقوقهم مطلقاً وحاول مرات عديدة أن يحتوي الفتن والأحداث الطائفية التي منيت بها مصر عقب ثورة يناير واعتقد أن الأيام المقبلة ستشهد حالة جديدة في العلاقة بين مؤسسات الدولة والأقباط من ناحية وبين الأقباط والمسلمين من ناحية أخري.
وماذا عن تقييمك لأداء الأغلبية البرلمانية المتمثلة في حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وتخوف الأقباط من سيطرتهم علي الحكم في المستقبل؟
أداء أعضاء «الحرية والعدالة» داخل البرلمان حتي الآن غير مبشر بأي حال من الأحوال وللحقيقة فإن حزب «الحرية والعدالة» يملك خبرات برلمانية أكثر حنكة من غيرهم، وفي المقابل نجد أن هناك نوعا من المراهقة السياسية لعدد كبير من أعضاء البرلمان، وعلي جانب آخر فإن ما يثار من وقت لآخر عن رعب الأقباط من المجهول وخوفهم من سيطرة التيارات الإسلامية علي الحكم أمر زائد علي الحد وفيه مبالغات كثيرة لاسيما أن المواطنين جميعاً فطنوا إلي أن النظام السابق كان شغله الشاغل إشعال الفتن وإثارة القلائل بين طرفي الأمة لضمان استمراره علي قمة هرم الحكم في مصر، ولذلك فلن يستطيع الإسلاميون أو غيرهم استنساخ نظام حكم جديد يحقق رغباتهم دون حصولهم علي رضاء جميع فئات وطوائف الشعب المصري لأن المواطن البسيط عرف طريقه إلي الديمقراطية وامتلك زمام التغيير.
تردد مؤخراً أن هناك بعض الاعتراضات علي تولي الأنبا باخميوس إدارة شئون المرحلة الانتقالية كقائمقام للبابا إلي جانب تكتلات عديدة من أساقفة الصعيد تطالب بتعديل بنود لائحة اختيار البابا؟
الأنبا ميخائيل مطران أسيوط رفض تولي مهام الكنيسة نظراً لظروفه المرضية وطبقاً للائحة تم اختيار من يليه وهو الأنبا باخميوس باعتباره أقدم البطاركة رسامة ومن الممكن أن يكون لاجتماع المجمع المقدس رأي آخر لكن في النهاية سيلتزم جميع الأساقفة والرهبان بلائحة 57 الخاصة باختيار البابا ولن يستطيع أحد تعديل هذه اللائحة إلا بموافقة أعضاء المجمع المقدس دون استثناء.
كنت أحد المقربين من البابا فكيف لمست إنسانيته وبساطته؟
يعرف جميع المقربين من البابا شنودة أنه كان إنساناً رحيماً بكل ما تحمله الكلمة من معني لا يفرق بين غني وفقير أو بين مسلم ومسيحي وما يميزه عن غيره أنه كان شديد الذكاء والحنكة والبلاغة وبعيد التخيل فكان يذهب في تفسير الأمور التي تدور حوله إلي ما لا يذهب إليه الآخرون.
ومتي التقيت لأول مرة بالبابا شنودة؟
التقيت به لأول مرة في أوائل عام 1966 عندما كان في زيارة لمحافظة قنا لإلقاء بعض المحاضرات وتصادف وقتها وجودي هناك في زيارة لأبي وعلمت بوجوده في المطرانية فذهبت للتعرف عليه وأثناء ذلك طلب مني أسقف قنا مصاحبته في زيارة عامة للكنائس الموجودة بقنا ووافقت علي الفور، وبعد دخولي أنا والبابا شنودة أول كنيسة بادرني قائلاً: اللي رسم الأيقونات دي مش أرثوذكسي.. وكانت جملة غريبة جداً علي مسمعي فقلت له: هو فيه فرق بين الأيقونات الكاثوليكية والأيقونات الأرثوذكسية؟.. فرد عليّ قائلاً: طبعاً لأن هناك خصائص متعلقة بالعقيدة الأرثوذكسية والعقيدة الكاثوليكية تظهر ملامحها في أيدي الرسام اللي بيرسم هذه الأيقونات واسترسل في شرح ذلك لفترة طويلة مما أذهلني من طريقة فكره واستيعابه لأبسط الأمور والأشياء.
كيف توطدت العلاقة بالبابا شنودة؟
عرفت بعد ذلك أنه بدأ في إلقاء عظة أسبوعية منتظمة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية وكان حضور هذه العظات شيئا محالا نظراً لتجمع ملايين الأقباط وتوافدهم عليها ثم سمعت أنه يلقي محاضرات مع الشيخ الباقوري بجمعية الاقتصاد والتشريع بشارع رمسيس وحرصت علي حضورها وللحقيقة فإننا كنا نستمع إلي حديث ديني وأدبي راق جداً وعلي مستوي عال من المواطنة يميل إلي التقريب لا التفريق، وكان موضوع المحاضرات مجتمعة «القيم المشتركة بين الأديان السماوية».. بعد ذلك فرقت بيننا الأيام إلي أن جلس شنودة علي كرسي البابوية عام 1971 وكنت بين الحين والآخر أذهب إليه لأطمئن علي صحته وبعد ذلك اختلف مع السادات وصدر حكم ضده من محكمة القضاء الإداري علي خلفية القضية التي رفعت من قبل السادات بشأن سحب القرار الجمهوري بتعيين شنودة بطريركا للأقباط الأرثوذكس وكنت وقتها مازلت مستشاراً في مجلس الدولة وجدت نفسي أقول له: «بإذن الله هنكسبها في العليا وأنا هترافع فيها» ولم أكن أفكر في ذلك الوقت بالاستقالة من مجلس الدولة ومرت الأيام وترافعت في هذه القضية في بداية عام 1985 وتمكنت من إلغاء الطلب المقدم بسحب القرار الجمهوري وكسبت القضية برمتها.
وماذا عن ذكرياته مع السادات؟
البابا شنودة كان يقلد الرئيس السادات في طريقة كلامه وعندما كان يمشي ويدخن البايب.. وفي كل تصرفاته الظاهر منها والمكنون بطريقة كوميدية رهيبة.. وله موقف معه دائماً ما كان يذكره لنا في كل مرة نقابله فيها وهو يخص توزيع وأماكن الكنائس في مصر عندما قال له السادات: أنت عايز كم كنيسة؟!.. فأصابته الحيرة وقال له: إحنا عايزين اللي يكفينا.. فرد عليه: يكفيك 50 كنيسة في السنة.. فوافق البابا شنودة علي الفور لكن السادات لم ينفذ هذا الوعد.
وما الأسباب الحقيقية لغضب السادات من شنودة؟
لم يوجه الرئيس الراحل أنور السادات غضبه المباشر إلي البابا شنودة لكنه كان يتعنت في التعامل معه ويقف أمام تحقيق رغباته وما أغضبه بشدة منه أن الأخير رفض السفر معه إلي إسرائيل عندما طلب منه.. وقال له: علي جثتي أن أسافر الي القدس بتأشيرة إسرائيلية.. واعتبر من يقوم بذلك مجرما ويجب أن يتوب عن جرمه، وأثناء زيارتي له في إحدي المرات جاءته مكالمة هاتفية من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وقال له: إسرائيل حاصرتني.. اعملي حاجة.. فرد عليه شنودة: سأصلي لك وأعقد العديد من المؤتمرات وعقب انتهاء المكالمة طلب شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوي وقال له: يا شيخ سيد ياسر عرفات كلمني وطلب مساعدتي وأنا قررت عمل مؤتمر لدعمه في الكاتدرائية وعايز منك أن تحضر ويكون معاك 100 شيخ من علماء الأزهر.. فوافق شيخ الأزهر دون تردد وانعقد المؤتمر في اليوم الثاني في تمام العاشرة صباحاً بمقر الكاتدرائية بالعباسية ولاقي ترحيبا داخليا وخارجيا واسعا.
وكيف كان يقارن البابا شنودة بين السادات ومبارك من حيث التعامل معه؟
البابا شنودة كان أول من تنبه إلي لعبة الفزاعة التي كان ينفذها أرباب النظام المباركي وكان ذلك أثناء الفتنة التي اثيرت حول «C.D» كان مزوراً ذهب البابا شنودة إلي دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون للاعتكاف كعادته التي حرص عليها منذ جلوسه علي عرش مارمرقس الرسول وطلب في أحد الأيام الاجتماع بأعضاء المجلس الملي وكنت واحداً منهم وقال لنا وقتها: تعالوا نتحاسب علي ست أزمات طائفية حصلت في أقل من سنة علي رأسها قضية وفاء قسطنطين و «C.D» كنيسة الإسكندرية وحادث كنيسة الواسطة وشرح هذه الوقائع بأدق التفاصيل التي صحبتها ودون تردد قال لنا: مش واضح إن الحوادث دي من تدبير أمن الدولة مش خناقة مواطنين، واللي محيرني حاجة واحدة عايز أسألكوا عليها: هل تعتقدوا أن حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق يدبر هذه الفتن من وراء مبارك أم برضائه؟ فأجبته قائلاً: بمعرفة مبارك.. لأن العادلي ورفاقه زينوا لمبارك أن هذا لصالح بقاء النظام قوياً ومتماسكاً خاصة أن الكونجرس الأمريكي تحدث كثيراً عن حقوق الإنسان في مصر ومورست ضغوط كثيرة علي المسئولين في النظام السابق ولذلك أخرجوا لهم لعبة فزاعة الخوف من الإسلاميين.. ورغم اعتراض الحضور علي ذلك إلا أن البابا شنودة أقر بذلك وقال إن مصر في خطر وحتي تستقر الأوضاع بين المسلمين والمسيحيين في مصر يجب أن ينقضي هذا النظام ويذهب إلي الجحيم.
وبماذا وصف السادات ومبارك؟
قال عن السادات إنه «رجل لئيم ومش سهل وسياسي خطير» وكانت دائماً صراعاتهما أشبه بلعبة القط والفأر أما مبارك فلم يعلق كثيراً علي شخصيته خاصة أنه احتار في وصفه لتعارض مواقفه معه في مرات عديدة إضافة إلي أنهما لم يتقابلا منفردين أبداً وجميع مقابلاتهما كانت في مناسبات عامة.
ومتي شاهدته يبكي؟
بكي بحرقة عقب حادث كنيسية القديسين والتزم الصمت ودائما كان يبكي كالطفل ويضحك كالطفل.
وكيف كان المشهد الأخير للبابا شنودة؟
البابا شنودة أسلم روحه لخالقها في غرفة نومه وعلي السرير الخاص به بالمقر البابوي ولم يذهب إلي مستشفي السلام بالمهندسين كما يردد البعض.. والغريب أنه كان يوقن أن نهايته قد اقتربت ولذلك قطع رحلة علاجه الأخيرة في أمريكا وطلب العودة إلي مصر وأوصي بأن يدفن في دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون.
وما حقيقة قصة انقلابه علي مبارك؟
هذا كلام فارغ فلم يكن لديه أي نية للانقلاب عليه رغم أنه كان يعلم أن النظام البوليسي الذي احتمي به مبارك سيحاول بكل ما يملك من قوة أن يضرب الوحدة الوطنية فكان حبيب العادلي يجمع التقارير الخاصة بسفر البابا شنودة إلي الخارج وعلاقته بأقباط المهجر.
وفيما كان يقضي يومه حسب قربك منه؟
كان دائم الحديث في السياسة والأحوال الجديدة التي تطرأ علي الساحة في شتي أنحاء العالم، وكان يعشق مكرم عبيد ويحترم وزير الأوقاف الأسبق حمدي زقزوق ويفضل الجلوس مع الدكتور يحيي عبدالمجيد محافظ الشرقية السابق ويقدر وزير الكهرباء حسن يونس.. أما بالنسبة لطقوسه اليومية فكان يشاهد كرة القدم بشراهة وتعصب ويحاول أن يكون علي علم ودراية بوسائل التكنولوجيا الحديثة التي تستجد يوماً ولم يرفض الإنترنت فتابع «الفيسبوك وتويتر» وسمي نفسه «البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والتويترية» وإلي جانب ذلك كان يحرص علي الاتصال يومياً بالشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق ويتبادلان النكات معاً بالساعات وبكي بحرقة شديدة عندما توفي شيخ الأزهر.
هل تلقت الكنيسة برقيات تعازي من مبارك ونجليه كما يشاع؟
هذا الكلام ليس له علاقة بالحقيقة ومجرد شائعات وفرقعات إعلامية.
ومتي كانت آخر مرة قابلته فيها؟
قابلته في نهاية يناير الماضي وقال لي: «أنا خايف علي مصر يا منصف واللي جاي أكيد مرعب».. فقلت له: «لماذا تقول ذلك؟».. فلم يجبني وطلب من رموز الكنيسة وجميع الأساقفة رفض أي دعوات لإنشاء أحزاب قبطية علي أساس ديني متحفظاً علي ضرورة الانخراط في الأحزاب السياسية العامة.
ما حقيقة مذكرات البابا التي لم تنشر؟
لم يحدثني عنها إطلاقاً وأعتقد أنه لا يعرف أحد عنها شيء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق